قوله تعالى :﴿ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ﴾ [الحجر : ٢].
يقال (رُبَّ) بالتشديد، و(رُبَ) بالتخفيف، فال أبو كبير :
أزهير إن يشب القذال فإنني رب هيضل مرس لففت بهيصل
زعم بعضهم أنها لغة، وليست بلغة عندنا، وإنما اضطر الشاعر فخففها، والدليل على ذلك : أن كل ما كان من الحروف على حرفين فإنه ساكن الثاني نحو : هل ومن وقد وما أشبه ذلك، ويقال : رُبَّما ورُبَما ورُبَّتَمَا ورُبَتَمَا، و(التاء) لتأنيث الكلمة، و(ما) كافة وهي تبع للتخفيف عوض من التضعيف، وحكى أبو حاتم هذه الوجوه بفتح الراء لغة.

فصل :


ومما يسأل عنه هاهنا أن يقال : لم جاز ﴿ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾، ورُبَّ للتعليل ؟
وعن هذا جوابان :
أحدهما : لأنه أبلغ في التهديد، كما تقول : ربما ندمت على هذا، وأنت تعلم أنه يندم نطماً طويلاً، أي يكفيك قليل الندم فكيف كثيره.
والثاني : أنه يشغلهم العذاب عن تمني ذلك إلا في أوقات قليلة.
وقرأ ابن نافع وعاصم ﴿ رُبَمَا ﴾ بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد على الأصل.
وساغ التخفيف هاهنا وإن لم يكن من الضرورات ؛ لأنها لما وصلت بـ (ما) كثرت وثقلت فخففت.


الصفحة التالية
Icon