الموضع كذلك، ألا ترى أنها تسقط في نحو قولك ؛ غلاماُ زيد، فلو كانت علم التثنية لم يجز حذفها، وإنما النون في قولك (هذان) عوض من الألف المحذوفة هذا قول السيرافي، وقال أبو الفتح : هذه النون دخلت في المبهم لشبهه بالتمكن وذلك لأنه يوصف ويوصف به ويصغر، فأشبه المتمكن من هذه الطريقة، ألا ترى أن المضمر لما بعد من المتمكن لم يوصف ولو يوصف به ولم يصغر.
وقال الزجاج : في الكلام حذف، والتقدير : أنه هذان لهما ساحران، فحذف (الهاء) فصار : إن هذان لهما ساحران، ثم حذف المبتدأ الذي هو (هما) فاتصلت اللام بقوله :﴿ لَسَاحِرَانِ ﴾ فصار : إن هذان لساحران، فـ ﴿ لَسَاحِرَانِ ﴾ على هذا القول خبر مبتدأ محذوف وذلك المبتدأ مع هبره عن ﴿ هَذَانِ ﴾ و ﴿ هَذَانِ ﴾ مع خبره خبر (إنًّ)، وقد ذكرنا ما في حذف (الهاء) من القبح، وأنه من ضرورة الشعر، وأما ما ذكره من إضمار المبتدأ تخيلاً للم فتعسف لا يعرف له نظير.
وأجود ما قيل في هذا أنها لغة بالحارث بن كعب ؛ لأنهم يجرون التثنية في الرفع والنصب والجر مجرى واحداً، فيقولون : رأيت الزيدان ومررت بالزيدان، قال بعض شعرائهم :
فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى مساغاً لناباه الشجاع لصمما
وقال آخر :
تزود منا بين أذناه طعنة دعته إلى هابي التراب عقيم
وقال آخر :