قوله تعالى :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الحج : ٥٢].
التمني في الكلام على ثلاثة أضرب :
أحدها : التلاوة وشاهده الآية، وقال الشاعر :
تمنى كتاب الله أول ليلة وآخرها لاقى حمام المقادير
والثاني : ما يتمناه الإنسان من الأماني.
والثالث : الكذب ومنه قول عثمان :(والله ما تمنيت منذ أسلمت)، ومر أعرابي بابن داب وهو يحدث، فقال له : أهذا شيء سمعته أم تمنيته.
والأمنية في الآية : التلاوة، قال ابن عباس والضحاك وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب ومحمد بن قيس : نزلت هذه الآية لما تلا النبي - ﷺ - :(أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهم لترجى)، وكان هذا من إلقاء الشيطان.
ومما يسأل عنه أن يقال : كيف جاز عليه الغلط في تلاوته ؟ وفيه جوابان :
أحدهما : أنه كان على سبيل السهو الذي لا يعرى منه بشر، فنبهه الله تعالى على ذلك.
والثاني : أنه إنما قاله في تلاوة بعض المنافقين عن إغواء الشيطان، فأوهم أنه من القرآن.
وقوله :﴿ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ ﴾ [الحج : ٥٢] في موضع نصب، والمعنى : ما أرسلنا من


الصفحة التالية
Icon