المبتدأ بلا خبر، هذا قول أكثر العلماء.
ويجوز عندي أن تكون مبتدأة على إضمار الخبر، والتقدير : فيما يتلى عليكم سورة أنزلناها، ولا يجوز أن نقدر هذا الخبر متأخراً ؛ لأن خبر النكرة يتقدم عليها، نحو قولك : في الدار رجل، وله مال، ولا يحسن : رجل في الدار، ومال له ؛ وإنما قبح ذلك لقلة الفائدة.
وقرأ عيسى بن عمر ﴿ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا ﴾ على إضمار فعل يفسره ﴿ أَنْزَلْنَاهَا ﴾، والتقدير : أنزلنا سورة أنزلناها، إلا أن هذا الفعل لا يظهر ؛ لأن الظاهر يكفي منه.
وقوله :﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ﴾ [النور : ٢] مبتدأ، والخبر محذوف، والتقدير : فيما يتلى عليكم الزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما، هذا قول سيبويه، وتلخيصه : أن المعنى : فيما يتلى عليكم حكم الزانية والزاني فاجلدوا ؛ وإنما احتيج إلى هذا التقدير ؛ لأن المتلو إنما هو حكمهما لا أنفسهما.
والفاء دخلت في قوله :﴿ فَاجْلِدُوا ﴾ جوابا لما في الكلام من الإبهام ؛ إذ لا يقصد بها زانية بعينها ولا زان بعينه ولذلك رفعا.
ويجوز النصب على وجهين :
أحدهما : إضمار فعل يدل عليه ﴿ فَاجْلِدُوا ﴾.
والثاني : أن يكون منصوبا بـ :(اجلدوا) على تقدير زيادة الفاء، كما تقول : زيدا فاضرب.


الصفحة التالية
Icon