وقال بعضهم :(الباء) على أصلها، والمعنى : فاسأل بسؤالك خبيرا أيها الإنسان يخبرك بالحق في صفته، ودل (فاسأل) على السؤال، كما قالت العرب : من كذب كان شرا له، أي : كان الكذب، ودل عليه كذب، وكما قال الشاعر :
إذا نهي السفيه جرى إليه وخالف والسفيه إلى خلاف
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان : ٦٣].
نصب ﴿ سَلَامًا ﴾ ؛ لأنه ليس بحكاية، ولو كان حكاية لرفع، كما قال في آية أخرى :﴿ قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ ﴾ [هود : ٦٩]، أي : سلام عليكم، وإنما المعنى أنهم قالوا قولا يسلمون به.
قال سيبويه المعنى : قالوا سدادا من القول، أي : سلمنا منكم، قال سيبويه : ولم يؤمر المسلمون ذلك الوقت بالقتال، فأنزل، وهي منسوخة بآية القتال، ولم يتكلم سيبويه في شيء من الناسخ والمنسوخ إلا في هذه الآية.
قوله - عز وجل - :﴿ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ ﴾ [الفرقان : ٦٩]
قيل معناه : يلقى جزاء الآثام كما قال تعالى :﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ﴾ [الشورى : ٤٠].
أي : جزاء السيئة سيئة مثلها، وكذلك ﴿ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [الزمر : ٤٨]، أي : عقاب ما كانوا به يستهزئون ؛ لأن ما كانوا به يستهزئون لا يحيق بهم يوم القيامة.
قرأ عاصم من طريقة أبي بكر ﴿ يُضَاعِفُ ﴾ و ﴿ يَخْلُدْ ﴾ بالرفع على الاستئناف والقطع، و ﴿ يَلْقَ ﴾ جواب الشرط الذي هو ﴿ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ﴾.
وقرأ الباقون بالجزم، إلا أن اين عامر يقرأ ﴿ يُضَعَّفُ ﴾ بالرفع على الاستئناف، وابن كثير ﴿ يُضَعَّفْ ﴾ بالتشديد والجزم.


الصفحة التالية
Icon