روى الفراء عن الكسائي عن عيسى الهمداني قال :
لم أسمع المشيخة يقرؤونها إلا بالتخفيف على نية الأمر، قال : وهي حرف عبد الله بن مسعود "هلا تسجدون" بالتاء، فهذا تقوية لقوله :(ألا يا) ؛ لأن قولك :(ألا) تقوم بمنزلة قولك : قم، وفي حرف أبي "ألا تسجدون"، قال : وهو وجه الكلام ؛ لأنها سجدة.
ومن قرأ "ألا يسجدوا" فشدد، فلا ينبغي لها أن تكون سجدة ؛ لأن المعنى : وزين لهم الشيطان ألا يسجدوا، فعلى هذا القول يكون موضع (أن) نصبا على البدل من ﴿ أَعْمَالَهُمْ ﴾.
وقال علي بن عيسى المعنى : وزين لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا.
وقيل موضع (أن) جر على البدل من ﴿ السَّبِيلِ ﴾، كأنه قال : فصدهم عن أن يسجدوا، و(لا) على هذا الوجه زائدة.
قوله تعالى :﴿ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ﴾ [النمل : ٢٩]
يسال عن معنى قوله :﴿ كَرِيمٌ ﴾ ؟
وفيه أجوبة :
أحدها : أنه مختوم وذلك لكرمه.
والثاني : أنه جعلته كريما لكرم صاحبه، فإنه من عند ملك :
والثالث : أنه حقيق بأن يؤمل الخير العظيم من جهته.
والرابع : أن الطير حملته وذلك لكرمه.
والخامس : أنه جعلته كريما من قبل أن صاحبه يعطيه الجن والإنس.
وقيل : أنها قالت كريم قب أن تعلم أنه من سليمان، قال الفراء : ولا يعجبني ذلك ؛ لأنهم زعموا أنها كانت قارئة قد قرأت الكتاب قبل أن تخرج إلى ملئها.