والقول الثالث : أن الهاء في عليه تعود على (الخلق)، أي : والإعادة على الخلق أهون من النشأة الأولى ؛ لأنه إنما يقال له كن فيكون، وفي النشأة الأولى : كان نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً ثم كسيت العظام لحماً ثم نفخ فيه الروح، فهذا على المخلوق صعب والإنشاء يكون أهون عليه، وهذا قول النحويين، ويروى مثله عن ابن عباس.
قال الفراء : حدثني حبان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال :﴿ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ يقول على المخلوق ؛ لأنه يقول له يوم القيامة (كن فيكون).
فأما ما يروى عن مجاهد من أنه قال : الإنشاء عليه أهون من الابتداء، فقول مرغوب عنه، لأنه لا يهون عليه شيء دون شيء تبارك تعالى.
قوله تعالى :﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ ﴾ [الروم : ٤١].
قيل : البر : أهل البادية، والبحر : القرى التي على الأنهار العظيمة، هذا قول قتادة.
قال مجاهد : البر : ظهر الأرض، والبحر : البحر المعروف (تؤخذ كل سفينة غصباً).
وقيل : البر : الأرض القفر، والبحر : المجرى الواسع للماء عذباً كان أو مالحاً.
وقيل : البر : البرية، والبحر : الريف، والمواضع الخصبة.
وأصل (البر) من البِرَّ ؛ لأنه يبر بصلاح المقام فيه، وأصل (البحر) الشق، ومنه (البحيرة)، ومنه قيل (بحر) لأنه شق في الأرض، ثم كثر فسمي الماء الملح بحراً، وأنشد ثعلب :
وقد عاد ماء الأرض بحرأ فزادني إلى مرضي أن أبحر المشرب العذب


الصفحة التالية
Icon