قوله تعالى :﴿ بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ﴾ [سبأ : ٣٣]
قال الحسن وابن زيد المعنى : بل مكركم في الليل والنهار، وكذلك في العربية يتسع في الكلام فتضاف الأحداث إلى الزمان، ويخبر عن الزمان بما يقع فيه، فيقال : صيام النهار وقيام الليل، والمعنى : الصيام في النهار، والقيام في الليل، ويقولون : ليل قائم ونهار صائم، والليل والنهار غير صائمين، قال الشاعر :
لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى ونمت وما ليل المطي بنائم
وأضاف الليل إلى المطي على الاتساع، ووصف الليل بالنوم، وهذا على حد قولك : ليلي نائم، فيقول السامع : ليس ليلك بنائم.
قوله تعالى :﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [سبأ : ٤٨]
فيجوز في ﴿ علم ﴾ وجهان : النصب والرفع، فالنصب من وجهين :
أحدهما : أن يكون نعتاً لربي، كأنه قال : قل إن ربي علاَّم الغيوب يقذف بالحق.
والثاني : أن يكون نصباً على المدح، كأنك قلت : أعني علام الغيوب.
وأما الرفع فيجوز من وجهين أيضاً :
أحدهما : يكون بدلاً من المضمر في ﴿ يَقْذِفُ ﴾ [سبأ : ٤٨] ؛ لأن في ﴿ يَقْذِفُ ﴾ ضميراً تقديره : يقذف هو.
والثاني : أن يكون خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال : هو علام الغيوب.


الصفحة التالية
Icon