والفلك : السفن، وهو يقع على الواحد والجمع بلفظ واحد والتقدير مختلف : فإذا كان واحداً كان بمنزلة (قفل) و(برد)، قال الله تعالى :﴿ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾ [الشعراء : ١١٩] فجعله واحداً، وإذا كان جمعاً كان بمنزلة (أسد) و(وثن) وعليه قوله :﴿ وترى الفلك ﴾، وإنما كان كذلك لأنهم جمعوا (فلاً) على (فعل) وجاز أن يجمع (فعل) على (فعل) وليس بابه من قبل أن (فعلاً) و(فعلا) يشتركان ؛ نحو : رُشْد ورَشَد، وسُقَم وسَقَم، وعُدْم وعَدَم، وحُزْن وحَزَن، وعُرْب وعَرَب، وعُجْم وعَجَم في أشباهٍ لذلك، و(فعل) يجمع على (فعل) نحو : أسد وأسد، ووثن ووثن، فجمعوا (فعلا) كجمع (فعل)، وهذا مذهب سيبويه وإن لم يصرح به.
ويقال : مخرت السفينة، إذا شقت الماء تمخر مخرا فهي ماخرة والجمع مواخر.
ومما يسأل عنه أن يقال : الحلية إنما تخرج من الملح دون العذب، فكيف قال :﴿ تَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً ﴾ ؟ وعن هذا جوابان :
أحدهما : أنه كذلك إلا أنه جمع بينهما في ذلك لاصطحابهما ؛ لأن المعنى قد عرف، ومثل ذلك قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورً ﴾ [نوح : ١٥-١٦].
والقمر إنما هو في سماء الدنيا، غير أنه وإن كان قد اختص بمكان من السموات فهو فيها، وكذلك البحران وان كان اللؤلؤ والمرجان يخرجان من أحدهما فهو يخرج منهما وإن اختص خروجهما من أحدهما.
والقول الثاني : أن في البحر عيوناً عذبة واللؤلؤ والمرجان يخرجان من بينهما، ذكر أنهما يتكونان في الماء العذب الذي في تلك العيون، فقد اشترك العذب والملح فيهما.
قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴾ [فاطر : ٢٧].


الصفحة التالية
Icon