ينذر آباؤهم، على جحد ؛ لأن عرب الجاهلية لم يكن فيهم نبي قبل محمد - ﷺ -، وهذا التأويل إنما يصح إذا كان (القوم) هاهنا يعني بهم العرب المضرية والعدنانية، فأما القحطانية فقد كان فيهم هود وصالح وشعيب - عليه السلام -، ومبعد أيضا من قبل أن قيساً بعث فيهم خالد بن سنان، وهو الذي أطفأ نار الجمرة التي كانت ببلاد قيس، وروي أن بنته وفدت على النبي - ﷺ - فأكرمها، وقال :(هذه بنت نبي ضيعه قومه)، وقال عكرمة المعنى : لتنذر قوماً كالذي أنذر آباؤهم، فعلى هذا يكون الإنذار لجميع الناس، وتحتمل ﴿ مَا ﴾ على هذا الوجه أن تكون بمعنى (الذي)، فيكون التقدير : لتنذر قوماً كالذي أنذر آباؤهم.
وتحتمل أن تكون مصدرية والتقدير : لتنذر قوماً كإنذار آبائهم.
قوله تعالى :﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾ [يس : ١٢]
قال قتادة ومجاهد في قوله :﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا ﴾ أي : أعمالهم : وقال مجاهد :﴿ وَآثَارَهُمْ ﴾ خطاهم إلى المساجد قال غيره :﴿ وءاثرهم ﴾ ما أثروا من الآثار الصالحة أو غير الصالحة، فعمل بها فلهم أجر من عمل بها بعدهم، أو وزره وهو قول الفراء.
و(الإمام) هاهنا الكتاب الذي تثبته الملائكة عليهم السلام، وتكتب فيه أعمال العباد.
وأجمع القراء على النصب في قوله :﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ ﴾ على إضمار فعل، والمعنى : أحصينا كل شيء أحيناه، قال الفراء : والرفع وجه جيد، قد سمعت ذلك من العرب.