وعمراً أكرمته، والنصب أجود من الرفع ؛ لأنك تعطف فعلاً على فعل، قال الربيع بن ضبع الفراري :
أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا
والذئب أخشاه إن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا
يريد : وأخشى الذئب أخشاه، وأما الرفع فهو عطف جملة على جملة وفي الكلام حذف، والتقدير : والقمر قدرناه ذا منازل، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، ولا يجوز أن يكون بلا حذف ؛ لأن القمر غير المنازل وإمما يجري في المنازل، ولا يجوز أن تنصب ﴿ مَنَازِلَ ﴾ على الظرف ؛ لأنه محدود والفعل لا يصل إلى المحدود إلا بحرف جر نحو : جلست في المسجد، ولا يجوز : جلست المسجد، وإنما يصل الفعل بغير حرف إلى الظرف المبهم نحو : أمام ووراء وفوق وتحت ويمنة ويسرة وما كان في معناها.
قوله تعالى :﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴾ [يس : ٥١-٥٢].
الصور : قرن من نور ينفخ فيه يوم القيامة، واشتقاقه من : صرت الشيء أصوره، أي : أملته وعطفته، كأنه قال : يميل الناس إلى الحشر ويعطفهم.
وقيل : الصور جمع صورة بمعنى الصور، والمعنى : ينفخ في صور بني آدم، وأصل الصورة أيضاً من الميل ؛ لأنها تمال إلى هيأة من الهيئات.
والأجداث : القبور، واحدها : جدث، هذه لغة أهل العالية، وأهل السافلة يقولون (جدف).