وقرأ نافع وابن عامر ﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا ﴾ [الشورى : ٣٥] بالرفع على القطع. وقرأ الباقون ﴿ وَيَعْلَمَ ﴾ بالنصب على إضمار (أن).
والكوفيون يقولون : نصب على الصرف، وإنما أضمرت (أن) ليكون مع الفعل مصدراً فيعطف على مصدر ما قبله، ومثله قول الشاعر :
للبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشفوف
أي :(وأن تقر عيني)، أضمر (أن) ؛ لأن في صدر الكلام مصدراً وهو (لبس).
قوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا ﴾ [الشورى : ٥١]
قال الفراء هذا : كما كان النبي - ﷺ - يرى في منامه ويلهمه - يعني الوحي، قال : ومن وراء حجاب كلم موسى - عليه السلام - أو يرسل رسولاً مثل ما كان من الملائكة التي تكلم الأنبياء عليهم السلام.
قال غيره : إرسال الرسول أحد أقسام الكلام، كما يقال : عتابك السيف، كأنه قيل : إلا وحياً أو إرسالا. وقيل المعنى :(إلا أن)، كما تقول : لألزمنك أو تقضيني حقي. فلا يكون الإرسال على هذا الوجه كلاماً.
قرأ نافع وابن عامر ﴿ أَوْ يُرْسِلَ ﴾ بالرفع، وهو وجه، على تقدير : أو هو يرسل رسولاً، وقرأ الباقون بالنصب على إضمار (أن) كأن في التقدير أو أن يرسل رسولاً. ولا يجوز أن يكون معطوفاً على ﴿ يُكَلِّمَهُ ﴾ ؛ لأن المعنى يصير : وما كان لبشر أن يكلمه الله، ولا كان أن يرسل رسولاً، وهذا إبطال النبوة.