قال قتادة : نزلت في أبي جهل، وذلك أنه كان يقول : أنا أعز من بها وأكرم، فقيل له : أأنت الذي كنت تقول ذلك في قومك وتطلب العز والكرم بمعصية الله، ذق هذا العذاب.
ومما جاء على طريق النقيض قوله تعالى :﴿ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴾ [هود : ٨٧]، قيل معناه : أنت السفيه الغوي ؛ لأنهم إنما قالوا ذلك عن طريق الاستخفاف به، قال الحسن المعنى : ذق إنك أنت العزيز الكريم عند نفسك، والمعني به أبو جهل.
ويجوز في قوله :﴿ أَنْتَ ﴾ وجهان :
أحدهما : أن يكون توكيداً للكاف، و ﴿ الْعَزِيزُ ﴾ خبر ﴿ إِنَّ ﴾.
والثاني : أن يكون ﴿ أَنْتَ ﴾ مبتدأ، و ﴿ الْعَزِيزُ ﴾ خبره، والجملة خبر ﴿ إِنَّ ﴾.
قوله تعالى :﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [الدخان : ٥٦].
يقال لم استثنى هاهنا الموتة الأولى، وهي قد انقضت ؟.
والجواب : أنه استثنى من غير الجنس، والتقدير على مذهب سيبويه : لكن الموتة الأولى، ومثله : ما زاد إلا ما نقص، أي : لكن نقص.
قال الفراء :(إلا) هاهنا بمعنى (سوى) والتقدير : سوى الموتة الأولى، ومثله :﴿ وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ [النساء : ٢٢].
وقال غيره :﴿ إِلَّا ﴾ بمعنى (بعد)، والتقدير : بعد الموتة الأولى، وإنما جاز أن تقع (إلا) موقع (بعد) لأن (إلا) لإخراج بعض من كل، و(بعد) لإخراج الثاني عن الوقت الأول.
والموتة : المرة الواحدة من الموت، والميتة الموت، والميتة - بفتح الميم - الميتة، وكثير من المحدثين يغلط في مثل هذا فيقول في (البحر) :(هو الطهور ماؤه والحل ميتته) - بكسر الميم - والصواب فتحها.