أحدهما : أنه صلة لـ :(من)، وهو قول الفراء، قال : ورأيتها في مصحف عبد الله ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي ﴾ والنون موصولة بالذال.
والقول الثاني : أن المعنى من هذا الذي، و ﴿ مَّن ﴾ في موضع رفع بالابتداء، و ﴿ الَّذِي ﴾ خبره على القول الأزل، وعلى القول الثاني يكون ﴿ ذَا ﴾ مبتدأ و ﴿ الَّذِي ﴾ خبره والجملة خبر ﴿ مَّن ﴾.
قوله تعالى :﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الحديد : ٢١].
العرض : انبساط الشيء في الجهة المقابلة لجهة الطول، وضد العرض الطول، وإذا اختلف مقدار العرض والطول فمقدار الطول أعظم.
ويقال : لم ذكر العرض دون الطول ؟
الجواب : أن العرض أقل من الطول، وإذا كان العرض كعرض السماء والأرض كان الطول في النهاية التي لا يحيط بها إلا الله تعالى، وقد قال في آية أخرى :﴿ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾ [آل عمران : ١٣٣]، والمعنى : كعرض السموات، فحذف (الكاف) ؛ لأن المعنى مفهوم، والدليل على أن (الكاف) مراده وجودها في قوله :﴿ كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾.
قوله تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد : ٢٧].
الرهبانية : أصلها من الرهبة، وهو الخوف، إلا أنها عبادة مختصة بالنصارى لقول النبي - ﷺ - (لا رهبانية في الإسلام).


الصفحة التالية
Icon