والثاني : أن أكثر ما في الإنسان اثنان نحو : اليدين والرجلين والعينين والخدين، وما أشبه ذلك، وإذا جمع اثنان إلى اثنين صار جمعا، فيقال : أيديهما وأرجلهما، ثم حمل ما كان في الإنسان منه واحدا على ذلك لئلا يختلف حكم لفظ أعضاء الإنسان.
والثالث : أن المضاف إليه مثنى فكرهوا أن يجمعوا بين تثنيتين فصرفوا الأول منهما إلى لفظ الجمع ؛ لأن لفظ الجمع أخف ؛ لأنه أشبه بالواحد ؛ لأنه يعرف بإعرابه ويستأنف كما يستأنف الواحد، وليست التثنية كذلك ؛ لأنها لا تكون إلا على حد واحد، ولا تختلف، ومن العرب من يثني فيقول : قلباهما، قال الراجز فجمع بين اللغتين :
ومهمهين قذفين مرتين
ظهرا هما مثل ظهور الترسين
وقال الفرزدق :
بما في فؤادينا من البث والهوى فيبرأ منهاض الفؤاد المشعف
ومن العرب من يفرد، ويروى أن بعضهم قرأ ﴿ فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا ﴾ [طه : ١٢١].
قال الفراء في قوله :﴿ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ يعني : عائشة وحفصة قد صغت قلوبهما، وذلك أن عائشة قالت : يا رسول الله : أما يوم غيري فتتمه وأما يومي فتفعل فيه، فنزلت :﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ ﴾ [التحريم : ٤].
ومعنى صغت : زالت ومالت إلى ما كان من تحريم، وقيل : زاغت إلى الإثم، وهو قول ابن عباس ومجاهد والضحاك.


الصفحة التالية
Icon