الجمع، كما قال :﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ [الأنعام : ٤٥]، ومثله :﴿ سَامِرًا تَهْجُرُونَ ﴾ [المؤمنون : ٦٧].
والقول الثالث : أنه عنى (أبا بكر) وقيل (عمر) وقيل (علي) رضي الله عنهم.
وقوله :﴿ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ ﴾ يجوز في قوله :﴿ هُوَ ﴾ وجهان :
أحدهما : أن يكون فصلاً دخل ليفصل بين المبتدأ والخبر، والكوفيون يسمونه (عماداً)
والثاني : أن يكون مبتدأ و ﴿ مَوْلَاهُ ﴾ الخبر، والجملة خبر ﴿ إِن ﴾.
ومن جعل ﴿ مَوْلَاهُ ﴾ بمعنى السيد والخالق كان الوقف على قوله :﴿ مَوْلَاهُ ﴾ وكان ﴿ جِبْرِيلُ ﴾ مبتدأ و ﴿ ظَهِيرٌ ﴾ خبره. ومن جعل ﴿ مَوْلَاهُ ﴾ بمعنى ولي وناصر جاز أن يكون الوقف على قوله :﴿ جِبْرِيلُ ﴾، وجاز أن يكون على قوله :﴿ صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ويبتدأ ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ﴾، فيكون ﴿ ظَهِيرٌ ﴾ عائداً على ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ ﴾
قوله تعالى :﴿ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾ [التحريم : ١٢]. ق ﴿ ا أبو عمرو وحفص عن عاصم وخارجة عن نافع { وَكُتُبِهِ ﴾ وقرأ الباقون "وَكَتَبِهِ"، والمعنى واحد، إلا من قرأ بالإفراد جعل الواحد في موضع جمع، ومن قرأ على الأصل ؛ لأن الله تعالى قد أنزل عدة كتب قبل مريم - عليها السلام - وقد آمنت بجميعها، ويجوز أن يعود قوله :"وكَتَبهِ" على التوارة ؛ لأنها كانت أظهر عندهم، وإذا حمل على الجمع أراد التوارة وصحف إبراهيم وإدريس وآدم - عليهم السلام - وغيرها من الصحف التي أنزل الله تعالى.
ويسأل عن قوله :﴿ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾، كيف قال : من القانتين، ولم يقل من القانتات ؟
والجواب : أن القنوت يقع من المذكر والمؤنث، وإذا اجتمعا غلب الذكر على المؤنث، فكأنه في التقدير : كانت من العباد القانتين، فعم في القانتين، ولأنها كانت في قنوتها