نصباً لأن الضرب ليس من هذا القبيل، ومن هذا القيبل قوله تعالى :﴿ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى ﴾ [الكهف : ١٢]، وقوله :﴿ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ﴾ [مريم : ٦٩]، وقوله :﴿ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا ﴾ [الكهف : ١٩]، وقد شرحنا ذلك.
قوله تعالى :﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك : ١٤].
يسأل عن موضع ﴿ مَنْ ﴾ من الإعراب ؟
والجواب : أنها في موضع رفع ؛ لأنه فاعل ﴿ يَعْلَمُ ﴾ والتقدير : يعلم الذي خلق ما في الصدور، ولا يجوز أن تكون مفعولة لـ ﴿ يَعْلَمُ ﴾ ؛ لأن المعنى لا يصح على ذلك، وذلك أن (من) لمن يعقل دون ما لا يعقل فلو جعلت _من) مفعولة لصار المعنى أنه يعلم العقلاء خاصة ولا يعلم سواهم وهذا لا يصح على القديم.
قوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴾ [الملك : ١٩].
يقال ما معنى :﴿ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ ﴾ ؟
والجواب : أنه تعالى وطأ لهن الهواء، ولولا ذلك لسقطن، وفي ذلك أكبر آية، قال مجاهد وقتادة : الطير تصف أجنحتها تارة وتقبضها أخرى.
ومما يسأل عنه أن يقال : كيف عطف ﴿ يَقْبِضْنَ ﴾ وهو فعل على ﴿ صَافَّاتٍ ﴾ وهو اسم، ومن الأصل المقر لأن الفعل لا يعطف على الاسم، كذلك الاسم لا يعطف على الفعل ؟
والجواب : أن ﴿ يَقْبِضْنَ ﴾ وإن كان فعلاً فهو في موضع الحال وتقديره تقدير اسم فاعل، و ﴿ صَافَّاتٍ ﴾ حال، فجاز أن يعطف عليه، فكأنه قال : أو لم يروا أن الطير فوقهم صافات وقابضات، وقد جاء مثل هذا في الشعر، قال الراجز :


الصفحة التالية
Icon