وقد قيل : إن المعنى : يغفر لكم من ذنوبكم بحسب ما يكون من الإقلاع عنها، فهذا على احتمال بعض إن لم يقلعوا عن بعض.
وأجاز الأخفش أن تزاد ﴿ مِنْ ﴾ في الواجب، فالتقدير على هذا : يغفر لكم ذنوبكم.
قوله تعالى :﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ [نوح : ١٣]
قال ابن عباس ومجاهد والضحاك المعنى : مالكم لا ترجون لله عظمة، وقيل معنى ترجون : تخافون، قال أبو ذؤيب :
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وخالفها في بيت نوب عوامل
أي : لم يخف، والنوب : النحل.
و(اللام) على هذا متعلقة بما دل عليه الكلام، والتقدير : مالكم لا ترجون عظمة الله.
قوله تعالى :﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا ﴾ [نوح : ٢٢].
الكبار والكبار والكبير بمعنى واحد، إلا أن بينها تفاوتاً في المبالغة، فالكبار أشدها مبالغة، والكبار دون ذلك، ويروى أن أعرابيا سمع النبي - ﷺ - يقرأ ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا ﴾ فقال : ما أفصح ربك يا محمد، وهذا من جفاء الأعراب ؛ لأن الله تعالى لا يوصف بالفصاحة.
﴿ ومن سورة الجن ﴾
قوله تعالى :﴿ وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ﴾ [الجن : ٣].
الجد هاهنا : العظمة ؛ لانقطاع كل عظمة عنها، لعلوها عليها، ومن هذا قيل لأب الأب (جد) لانقطاعه، لعلو أبوته، وكل من فوقه لهذا الولد (أجداد).