ج ١، ص : ٢٣٠
١٤ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها : خالِداً : حال من الهاء «١» في يُدْخِلْهُ، أو صفة للنّار «٢» بمعنى نارا خالدا هو فيها، كقولك : زيد مررت [٢٣/ أ] بدار ساكن/ فيها.
١٥ وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ : منسوخة «٣». والسّبيل التي جعل اللّه لهنّ الجلد والرّجم. ومن لا يرى النّسخ «٤» يحملها على سحق النساء، والسّبيل :
التزوج.
١٦ وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ : الرجلان يخلوان بالفاحشة بينهما بدليل تثنية الضّمير على التذكير دون جمعه «٥».

_
(١) معاني القرآن للزجاج : ١/ ٢٧، والبحر المحيط : ٣/ ١٩٢.
(٢) أجاز الزجاج هذا الوجه في معاني القرآن : ١/ ٢٧، ومنعه الزمخشري في الكشاف :
١/ ٥١١ فقال :«فإن قلت : هل يجوز أن يكونا صفتين ل «جنات» و«نارا»؟ قلت : لا لأنهما جريا على غير من هما له، فلا بد من الضمير وهو قولك : خالدين هم فيها، وخالدا هو فيها».
وأورد أبو حيان في البحر المحيط : ٣/ ١٩٢ قول الزجاج ثم قال «و ما ذكره ليس مجمعا عليه بل فرع على مذهب البصريين، وأما عند الكوفيين فيجوز ذلك ولا يحتاج إلى إبراز الضمير إذا لم يلبس على تفصيل لهم في ذلك ذكر في النحو وقد جوّز ذلك في الآية الزجاج والتبريزي أخذا بمذهب الكوفيين».
(٣) ذكره النحاس في معاني القرآن : ٢/ ٣٩، ونقله الفخر الرازي في تفسيره : ٩/ ٢٣٢ عن جمهور المفسرين. وقال ابن كثير في تفسيره : ٢/ ٢٠٤ :«و هو أمر متفق عليه».
ودليل هذا المذهب قوله تعالى : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ سورة النور : آية : ٢، والحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه : ٣/ ١٣١٦، كتاب الحدود، باب «حد الزنا»، حديث رقم (١٦٩٠) عن عبادة بن الصامت قال : كان نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أنزل عليه أثر عليه وكرب لذلك وتربد له وجهه، فأنزل اللّه عز وجل عليه ذات يوم، فلما سرى عنه قال :«خذوا عني، قد جعل اللّه لهن سبيلا : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم».
(٤) ذكره الفخر الرازي في تفسيره : ٩/ ٢٣٩ وعزاه إلى أبي مسلم الأصفهاني.
وقال المؤلف - رحمه اللّه - في كتابه وضح البرهان : ١/ ٢٧٧ :«و ابن بحر لا يرى النسخ، فيحملها على خلوة المرأة بالمرأة في فاحشة السحق».
(٥) وهو قول مجاهد كما أخرجه الطبري في تفسيره : ٨/ ٨٢، وضعّفه الطبري. وأورد النحاس قول مجاهد في معاني القرآن : ٢/ ٤٠ ثم قال :«و هذا الصحيح في اللغة الذي هو حقيقة، فلا يغلب المؤنث على المذكر إلا بدليل».
وقال ابن العربي في أحكام القرآن : ١/ ٣٦٠ :«و الصواب مع مجاهد، وبيانه أنّ الآية الأولى نصّ في النّساء بمقتضى التأنيث والتصريح باسمهن المخصوص لهن، فلا سبيل لدخول الرجال فيه، ولفظ الثانية يحتمل الرجال والنساء، وكان يصح دخول النساء معهم فيها لو لا أنّ حكم النساء تقدم، والآية الثانية لو استقلت لكانت حكما آخر معارضا له، فينظر فيه، ولكن لما جاءت منوطة بها، مرتبطة معها، محالة بالضمير عليها فقال :
يَأْتِيانِها مِنْكُمْ علم أنه أراد الرجال ضرورة...»
.


الصفحة التالية
Icon