ج ١، ص : ٢٥٦
فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ : دين اللّه «١». وحمله أنس «٢» على خصاء الغنم وكرهه.
١٢٢ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا : أي : لا أحد أصدق من اللّه، وإنّما كان معناه النّفي لأن جوابه لا يتوجه إلّا عليه «٣».
١٢٣ لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ : ليس ثواب اللّه بأمانيكم «٤».

_
(١) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره :(٩/ ٢١٨ - ٢٢٠) عن ابن عباس، وإبراهيم النخعي، والحسن، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، والسدي، وابن زيد.
وانظر هذا القول في تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٣٦، ومعاني القرآن للزجاج :
٢/ ١١٠، ومعاني القرآن للنحاس : ٢/ ١٩٥، وتفسير الماوردي : ١/ ٤٢٤، والدر المنثور :
٢/ ٦٩٠.
(٢) هو أنس بن مالك الصّحابي الجليل رضي اللّه عنه.
وأخرج عبد الرزاق هذا القول في تفسيره : ١٤٠، والطبري في تفسيره : ٩/ ٢١٥. عن أنس رضي اللّه تعالى عنه.
وأورده السيوطي في الدر المنثور :(٢/ ٦٨٨، ٦٨٩) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن أنس أيضا.
قال الطبري - رحمه اللّه - في تفسيره : ٩/ ٢٢٢ :«و أولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك، قول من قال : معناه : وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ، قال : دين اللّه. وذلك لدلالة الآية الأخرى على أن ذلك معناه، وهي قوله تعالى : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ [سورة الروم : ٣٠].
وإذا كان ذلك معناه، دخل في ذلك فعل كل ما نهى اللّه عنه : من خصاء ما لا يجوز خصاؤه، ووشم ما نهى عن وشمة ووشره، وغير ذلك من المعاصي ودخل فيه ترك كل ما أمر اللّه به»
.
(٣) قال أبو حيان في البحر المحيط : ٣/ ٣٥٥ :«القيل والقول واحد، أي : لا أحد أصدق قولا من اللّه، وهي جملة مؤكدة - أيضا - لما قبلها. وفائدة هذه التواكيد المبالغة فيما أخبر به تعالى عباده المؤمنين بخلاف مواعيد الشيطان وأمانيه الكاذبة المخلفة لأمانيه».
(٤) عن معاني القرآن للزجاج : ٢/ ١١١. ونص كلام الزجاج هناك :«اسم ليس» مضمر المعنى : ليس ثواب اللّه بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب، وقد جرى ما يدل على إضمار الثواب، وهو قوله : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا أي إنما يدخل الجنة من آمن وعمل صالحا. ليس كما يتمنى أهل الكتاب، لأنهم كانوا يزعمون أنهم أبناء اللّه وأحباؤه، وقالوا :- لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً فأعلم اللّه - عز وجل - أن دخول الجنة وثواب اللّه على الحسنات والسيئات ليس بالأماني ولكنه بالأعمال...».
وانظر معاني القرآن للنحاس : ٢/ ١٩٧، وتفسير الماوردي : ١/ ٤٢٤، وزاد المسير : ٢/ ٢٠٩.


الصفحة التالية
Icon