ج ١، ص : ٣٥١
سئل عنها كما أنه إذا سئل عنها فليس ذلك إلا لحفاوته بها.
١٨٨ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ : أعددت في الرخص للغلاء، وما مسني الفقر.
وقيل «١» : لاستكثرت من العمل الصالح، وما أقول هذا عن آفة، وما مسني جنون.
١٨٩ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ : من آدم، وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها : من كل نفس زوجها على طريق الجنس ليميل إليها ويألفها./. [٣٦/ ب ] فَلَمَّا تَغَشَّاها : أصابها «٢»، حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً أي :
المنى «٣».
فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً : ولدا سويا صالح البنية «٤».
ومن قال : إن المراد آدم وحواء «٥» كان معنى جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ

_
(١) أخرجه الطبري في تفسيره : ١٣/ ٣٠٢ عن ابن جريج، ومجاهد، وابن زيد.
ونقله الماوردي في تفسيره : ٢/ ٧٤ عن الحسن، وابن جريج.
(٢) تفسير الطبري : ١٣/ ٣٠٤.
قال الزجاج في معاني القرآن : ٢/ ٣٩٥ :«كناية عن الجماع أحسن كناية».
وينظر معاني القرآن للنحاس : ٣/ ١١٣، وتفسير البغوي : ٢/ ٢٢٠، وزاد المسير :
٣/ ٣٠١.
(٣) ينظر تفسير الطبري : ١٣/ ٣٠٤، ومعاني القرآن للزجاج : ٢/ ٣٩٥.
(٤) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٧٦، وتفسير الطبري : ١٣/ ٣٠٦.
ونقل الماوردي هذا القول في تفسيره : ٢/ ٧٥ عن الحسن، وابن الجوزي في زاد المسير :
٣/ ٣٠١ عن الحسن وقتادة.
(٥) في قوله تعالى : فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ واستدل قائلو هذا القول بالحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده : ٥/ ١١ عن سمرة بن جندب عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«لما حملت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد، فقال : سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسموه عبد الحارث فعاش. وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره».
- وأخرج الترمذي نحوه في سننه : ٥/ ٢٦٧، كتاب التفسير، باب «ومن سورة الأعراف» وقال :«هذا حديث حسن غريب».
والطبري في تفسيره : ١٣/ ٣٠٩، والحاكم في المستدرك : ٢/ ٥٤٥، كتاب التاريخ، ذكر آدم عليه السلام.
وقال :«هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي.
وفي إسناد هذا الحديث عمر بن إبراهيم.
قال الترمذي :«لا نعرفه مرفوعا إلّا من حديث عمر بن إبراهيم عن قتادة. ورواه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه. عمر بن إبراهيم شيخ بصري».
وأورد الحافظ ابن كثير هذا الحديث في تفسيره : ٣/ ٥٢٩، وقال : هذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه :
أحدها :«أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري، وقد وثقه ابن معين، ولكن قال أبو حاتم الرازي : لا يحتج به. ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر، عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعا، فاللّه أعلم.
الثاني : أنه قد روى من قول سمرة نفسه، ليس مرفوعا.
الثالث : أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا، فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعا لما عدل عنه»
.
وذكر ابن العربي في أحكام القرآن :(٢/ ٨١٩، ٨٢٠) الحديث الذي أخرجه الترمذي ثم قال :«و ذلك مذكور ونحوه في ضعيف الحديث في الترمذي وغيره. وفي الإسرائيليات كثير ليس لها ثبات، ولا يعوّل عليها من له قلب، فإن آدم وحواء وإن كان غرهما باللّه الغرور - فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وما كان بعد ذلك ليقبلا له نصحا ولا يسمعا منه قولا».
أما التأويل المقبول لهذه فكما ورد في تحفة الأحوذي :(٨/ ٤٦٥) عن الحسن رحمه اللّه قال : عني بها ذرية آدم ومن أشرك منهم.
فتفسير الآية محمول على جنس الإنسان، ولم يشرك آدم ولا حواء وآدم معصوم لأنه نبي.
قال القفال : المراد جنس الذرية الذين ينسبون الأولاد إلى الكواكب وإلى الأصنام، وقد ذكر آدم وحواء توطئة لما بعدهما من شرك بعض الناس وهم أولادهما.


الصفحة التالية
Icon