ج ١، ص : ٣٧٥
عن قلّة. فولّوا ولم يبق مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إلا نفر دون المائة فيهم العباس وأبو سفيان بن الحارث «١»، وكان ابن عم رسول اللّه وأخاه من الرضاعة «٢»، وكان من أشدّ النّاس عداوة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، يهجوه ويجلب عليه، ثم أسلم قبل حنين بسنة، فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«لا أرينّ/ وجهه» «٣» ثم رضي عنه يوم [٣٩/ ب ] حنين.
٢٨ بَعْدَ عامِهِمْ هذا : أي : العام الذي حج أبو بكر وتلا عليّ رضي اللّه عنهما سورة براءة، وهو لتسع من الهجرة، وبعده حجة الوداع.
وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً : فقرأ بانقطاع المتاجر «٤».
فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ : شرط الغنى بالمشيئة، لتنقطع الآمال إلى اللّه.
٢٩ قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ : وأهل الكتاب يؤمنون بهما، لكن إيمانهم على غير علم واستبصار «٥»، وبخلاف ما هو
(١) ثبت ذلك في صحيح البخاري :(٥/ ٩٨، ٩٩)، كتاب المغازي، باب قول اللّه تعالى :
وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ، وصحيح مسلم : ٣/ ١٣٩٨، كتاب الجهاد والسير، باب «في غزوة حنين». عن العباس رضي اللّه عنه.
وينظر تفسير الطبري :(١٤/ ١٨٢ - ١٨٥)، وتفسير ابن كثير : ٤/ ٦٨، والدر المنثور :
٤/ ١٦١.
(٢) أرضعتهما حليمة السعدية، وتوفي أبو سفيان في خلافة عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه.
ترجمته في الاستيعاب : ٤/ ١٦٧٣، وأسد الغابة : ٦/ ١٤٤، والإصابة : ٧/ ١٧٩.
(٣) لم أقف على هذا الأثر.
(٤) معاني الفراء : ١/ ٤٣١، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٨٤، وتفسير الطبري :
١٤/ ١٩٢.
والمراد بانقطاع المتاجر هو خوف المسلمين من انقطاع قوافل التجارة التي كان المشركون يأتون بها إلى مكة، فإذا منعوا من دخول مكة انقطعت تلك التجارة.
(٥) معاني القرآن للزجاج : ٢/ ٤٤١، ومعاني النحاس : ٣/ ١٩٧.
وقال ابن عطية في المحرر الوجيز : ٦/ ٤٥٥ :«و نفى عنهم الإيمان باللّه واليوم الآخر من حيث تركوا شرع الإسلام الذي يجب عليهم الدخول فيه، فصار جميع مالهم في اللّه عز وجل وفي البعث من تخيلات واعتقادات لا معنى لها، إذ تلقوها من غير طريقها، وأيضا فلم تكن اعتقاداتهم مستقيمة، لأنهم تشعبوا وقالوا : عزيز ابن اللّه، واللّه ثالث ثلاثة، وغير ذلك.
ولهم في البعث آراء كثيرة، كشراء منازل الجنة من الرهبان، وقول اليهود في النار : نكون فيها أياما بعدد، ونحو ذلك».