ج ١، ص : ٤٤٨
وقال الحسن «١» : هم أهل الكتاب معهم شرك وإيمان. وإنما كان اليهوديّ مشركا مع توحيده لأن عظم جرمه بجحده النّبوّة قد قام مقام الإشراك في العبادة. وجاز أن يجتمع كفر وإيمان ولا يجتمع صفة مؤمن وكافر لأن صفة مؤمن مطلقا صفة مدح ويتنافى استحقاق المدح والذم.
١٠٩ وَلَدارُ الْآخِرَةِ : دار الحالة الآخرة، كقوله «٢» : وَحَبَّ الْحَصِيدِ :
أي : وحبّ الزّرع الحصيد.
١١٠ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا : بالتشديد «٣» الضمير للرسل. والظن بمعنى اليقين، أي : لما استيأس الرسل من إيمان قومهم وأنهم كذبوهم جاءهم نصرنا، وبالتخفيف «٤» الضمير للقوم، أي : حسب القوم أن الرسل كاذبون فهم على هذا مكذوبون لأن كل من كذبك فأنت مكذوبه، كما في صفة الرسول - عليه السلام - الصّادق المصدوق، أي :
صدّقه جبريل عليه السلام.
وسئل سعيد بن جبير عنها - في دعوة حضرها الضحاك «٥» مكرها -

_
(١) نص هذا القول عن الحسن - رحمه اللّه - في الكشاف للزمخشري : ٢/ ٣٤٦.
وذكره القرطبي في تفسيره : ٩/ ٢٧٢ عن الحسن، وقال :«حكاه ابن الأنباري».
(٢) سورة ق : آية : ٩.
(٣) قراءة ابن كثير، ونافع وأبي عمرو، وابن عامر.
السبعة لابن مجاهد : ٣٥١، والتيسير للداني : ١٣٠.
وانظر توجيه هذه القراءة في معاني القرآن للزجاج : ٣/ ١٣٢، والكشف لمكي : ٢/ ١٥، والدر المصون : ٦/ ٥٦٥.
(٤) قراءة عاصم، والكسائي، وحمزة. كما في السبعة لابن مجاهد : ٣٥٢، والتبصرة لمكي :
٢٣٠.
وانظر معاني القرآن للزجاج : ٣/ ١٣٢، والكشف لمكي :(٢/ ١٥، ١٦)، وتفسير القرطبي :(٩/ ٢٧٥، ٢٧٦)، والبحر المحيط : ٥/ ٣٥٥.
(٥) هو الضحاك بن مزاحم الهلاليّ، تابعي، حدّث عن ابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، وسعيد بن جبير... وغيرهم.
قال عنه الحافظ في التقريب : ٢٨٠ :«صدوق كثير الإرسال، من الخامسة».
ترجمته في سير أعلام النبلاء :(٤/ ٥٩٨ - ٦٠٠)، وطبقات الداودي : ١/ ٢٢٢.


الصفحة التالية
Icon