ج ٢، ص : ٤٨٥
٥٥ لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ : بما أنعمنا عليهم، أي : جعلوا ما أنعمنا به عليهم سببا للكفر، فهم بمنزلة من أشرك في العبادة ليكفروا بما أوتى من النعمة كأنّه لا غرض في شركه إلّا هذا.
٥٦ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ : سؤال التوبيخ وهو الذي لا جواب لصاحبه إلا بما فيه فضيحته، وهو يشبه سؤال الجدال من المحق للمبطل.
وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ : أنه يضر وينفع.
نَصِيباً : يتقربون به إليه، أي : الأصنام، كما في قوله «١» : وَهذا لِشُرَكائِنا.
٥٧ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ : أي : من البنين.
٦٠ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى : مع/ قوله «٢» : فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ [٣٥/ أ] لأنّها الأمثال التي توجب الاشتباه «٣».
ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ : أي : من أهل الظلم «٤»، أو لأنّه لو أهلك

_
(١) سورة الأنعام : آية : ١٣٦.
(٢) سورة النحل : آية : ٧٤.
(٣) في «ك» : الأشباه.
وذكر القرطبي هذا القول في تفسيره : ١٠/ ١١٩، وقال :«أي لا تضربوا للّه مثلا يقتضي نقصا وتشبيها بالخلق، و«المثل الأعلى» وصفه بما لا شبيه له ولا نظير...».
(٤) ذكره الماوردي في تفسيره : ٢/ ٣٩٦، وابن عطية في المحرر الوجيز : ٨/ ٤٥٠، عن فرقة، قال :«و يدل على هذا التخصيص أن اللّه تعالى لا يعاقب أحدا بذنب أحد.
واحتجت - الفرقة - بقوله تعالى : وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى. وهذا كله لا حجة فيه وذلك أن اللّه تعالى لا يجعل العقوبة تقصد أحدا بسبب إذ ناب غيره، ولكنه إذا أرسل عذابا على أمة عاصية لم يمكن البريء التخلص من ذلك العذاب، فأصابه العذاب لا بأنه له مجازاة. ونحو هذا قوله : وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وقيل للنبي صلى اللّه عليه وسلم : أنهلك وفينا الصالحون؟ قال :«نعم إذا كثر الخبث»
.
ثم لا بد من تعلق ظلم ما بالأبرياء وذلك بترك التغيير ومداجنة أهل الظلم ومداومة جوارهم» اه.
وانظر تفسير الفخر الرازي : ٢٠/ ٦١، وتفسير القرطبي :(١٠/ ١١٩، ١٢٠).


الصفحة التالية
Icon