ج ٢، ص : ٥٠٩
وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً : لكفرهم به وحرمان أنفسهم المنافع التي فيه.
٨٣ وَنَأى بِجانِبِهِ : بعّد بنفسه عن القيام بحقوق النّعم، كقوله «١» :
فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ.
كانَ يَؤُساً : لا يثق بفضل اللّه «٢».
٨٤ شاكِلَتِهِ : عادته أو طريقته التي تشاكل أخلاقه «٣».
طريق ذو شواكل : متشعب منه الطرق «٤».
٨٥ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي : من خلق ربّي، لأنهم سألوه عنه :
أقديم «٥»؟، وإن كان معناه : من علم ربّي، فإنما لم يجبهم عنه لأن طريق معرفته العقل لا السّمع، فلا يجري القول فيه على سمت النّبوّة كما هو في كتب الفلاسفة، ولئلا يصير الجواب طريقا إلى سؤالهم عما لا يعنيهم، وليراجعوا عقولهم في معرفة مثله لما فيه من الرياضة على استخراج الفائدة.
وقيل في حد الروح : إنه جسم رقيق هوائيّ على بنية حيوانية في كل

_
(١) سورة الذاريات : آية : ٣٩.
(٢) قال القرطبي في تفسيره : ١٠/ ٣٢١ :«أي إذا ناله شدة من فقر أو سقم أو بؤس يئس وقنط، لأنه لا يثق بفضل اللّه تعالى».
(٣) في «ج» أخلاطه.
(٤) ينظر معاني القرآن للزجاج : ٣/ ٢٥٧، والكشاف : ٢/ ٤٦٤، واللسان : ١١/ ٣٥٧ (شكل).
(٥) وفي سبب نزول هذه الآية أخرج الإمامان البخاري ومسلم عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال : بينا أنا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في حرث وهو متكئ على عسيب إذ مر عليه اليهود، فقال بعضهم لبعض : سلوه عن الروح، فقال : ما رابكم إليه؟ وقال بعضهم : لا يستقبلكم بشيء تكرهونه، فقالوا : سلوه، فسألوه عن الروح، فأمسك النبي صلى اللّه عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئا. فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحي قال : وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا.
راجع صحيح البخاري : ٥/ ٢٢٨، كتاب التفسير، باب «و يسألونك عن الروح».
وصحيح مسلم : ٤/ ٢١٥٢، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب «سؤال اليهود النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الروح»، وأسباب النزول للواحدي : ٣٣٧.


الصفحة التالية
Icon