معاني القرآن، ج ١، ص : ١٠٢
فإذا رأيت «إنما» فى آخرها اسم من الناس وأشباههم ممّا يقع عليه «من» فلا تجعلنّ «ما» فيه على جهة (الذي) لأن العرب لا تكاد تجعل «ما» للناس.
من ذلك : إنّما ضربت أخاك، ولا تقل : أخوك لأن «ما» لا تكون للناس.
فإذا كان الاسم بعد «إنما» وصلتها من غير الناس جاز فيه لك الوجهان فقلت : إنّما سكنت دارك. وإن شئت : دارك.
وقد تجعل العرب «ما» فى بعض الكلام للناس، وليس بالكثير. وفى قراءة عبد اللّه «و النّهار إذا تجلّى، والذّكر والأنثى» «١» وفى قراءتنا «وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى » فمن جعل «ما خَلَقَ» للذكر والأنثى جاز أن يخفض «الذَّكَرَ وَالْأُنْثى » كأنه قال والذي خلق : الذكر والأنثى. ومن نصب «الذَّكَرَ» جعل «ما» و«خَلَقَ» كقوله : وخلقه الذكر والأنثى، يوقع خلق عليه. والخفض فيه على قراءة عبد اللّه حسن، والنصب أكثر.
ولو رفعت «إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ» كان وجها. وقد قرأ بعضهم «٢» :
«إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ» ولا يجوز هاهنا إلا رفع الميتة والدم لأنك إن جعلت «إِنَّما» حرفا واحدا رفعت الميتة والدم لأنه فعل لم يسمّ فاعله، وإن جعلت «ما» على جهة (الذي) رفعت الميتة والدم لأنه خبر ل (ما).
وقوله : وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ... (١٧٣)
الإهلال : ما نودى به لغير اللّه على الذباح [وقوله ] «٣» فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ [ (غير) «٤» فى هذا الموضع حال للمضطرّ كأنك قلت : فمن اضطرّ لا باغيا
وعند الكسائي «ما خلق الذكر والأنثى» بالكسر أيضا، فالأولى بإسقاط «و ما خلق».
(٢) هو أبو جعفر. وانظر القرطبي ٢/ ٢١٦.
(٣، ٤) زيادة فى أ. [.....]