معاني القرآن، ج ١، ص : ١٢٦
و قد يكون الاسم غير مخلوق من فعل، ويكون فيه معنى تأنيث وهو مذكّر فيجوز فيه تأنيث الفعل وتذكيره على اللفظ مرّة وعلى المعنى مرّة من ذلك قوله عزّ وجلّ «وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ» «١» ولم يقل «كذبت» ولو قيلت لكان صوابا كما قال «كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ» «٢» و«كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ» «٣» ذهب إلى تأنيث الأمّة، ومثله من الكلام فى الشعر كثير منه قول الشاعر :
فإن كلابا هذه عشر أبطن وأنت برىء من قبائلها العشر «٤»
و كان ينبغى أن يقول : عشرة أبطن لأن البطن ذكر، ولكنه فى هذا الموضع فى معنى قبيلة، فأنّث لتأنيث القبيلة فى المعنى. وكذلك قول الآخر :
وقائع فى مضر تسعة وفى وائل كانت العاشرة
فقال : تسعة، وكان ينبغى له أن يقول : تسع لأن الوقعة أنثى، ولكنه ذهب إلى الأيام لأن العرب تقول فى معنى الوقائع : الأيام فيقال هو عالم بأيّام العرب، يريد وقائعها. فأمّا قول اللّه تبارك وتعالى :«وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ» «٥» فإنه أريد به - واللّه أعلم - : جمع الضياءان. وليس قولهم : إنما ذكّر فعل الشمس لأن الوقوف لا يحسن فى الشمس حتى يكون معها القمر بشىء «٦»، ولو كان هذا على ما قيل لقالوا : الشمس جمع والقمر. ومثل هذا غير جائز، وإن شئت ذكّرته

(١) آية ٦٦ سورة الأنعام.
(٢) آية ١٠٥ سورة الشعراء.
(٣) آية ١٦٠ سورة الشعراء.
(٤) فى العيني :«قائله رجل من بنى كلاب يسمى النوّاح» وورد فى اللسان (بطن) من غير عزو.
(٥) آية ٩ سورة القيامة.
(٦) خبر قوله :«ليس قولهم..».


الصفحة التالية
Icon