معاني القرآن، ج ١، ص : ١٧
و قوله : أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ... (١٩)
مردود على قوله :«مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً». أَوْ كَصَيِّبٍ :
أو كمثل صيّب، فاستغنى بذكر «الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً» فطرح ما كان ينبغى أن يكون مع الصيّب من الأسماء، ودلّ عليه المعنى لأن المثل ضرب للنفاق، فقال :
فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ فشبّه الظلمات «١» بكفرهم، والبرق «٢» إذا أضاء لهم فمشوا فيه بإيمانهم، والرعد ما أتى فى القرآن من التخويف. وقد قيل فيه وجه آخر قيل : إن الرعد إنما ذكر مثلا لخوفهم من القتال إذا دعوا إليه. ألا ترى أنه قد قال فى موضع آخر :«يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ» «٣» أي يظنّون أنهم أبدا مغلوبون.
ثم قال : يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ فنصب «حَذَرَ» على غير وقوع من الفعل عليه لم ترد يجعلونها حذرا، إنما هو كقولك : أعطيتك خوفا وفرقا. فأنت لا تعطيه الخوف، وإنما تعطيه من أجل الخوف فنصبه على التفسير ليس بالفعل، كقوله جل وعز :«يَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً» «٤». وكقوله :«ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً» «٥» والمعرفة والنكرة تفسّران فى هذا الموضع، وليس نصبه على طرح «مِنَ». وهو «٦» مما قد يستدل به المبتدئ للتعليم.
وقوله : يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ... (٢٠)
و القرّاء تقرأ «يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ» بنصب الياء والخاء والتشديد. وبعضهم ينصب الياء ويخفض الخاء ويشدد الطاء فيقول :«يَخْطَفُ». وبعضهم يكسر

(١، ٢) الأولى عكس التشبيه، فالكفر مشبه بالظلمات، والإيمان مشبه بالبرق.
(٣) آية ٤ سورة المنافقون.
(٤) آية ٩٠ سورة الأنبياء.
(٥) آية ٥٥ سورة الأعراف.
(٦) يريد أنه ق أ.
(٣) يريد بالتبيان الإظهار وعدم الإدغام.
(٤) آية ٣٥ سورة يونس.
(٥) آية ٤٩ سورة يس.
(٦) يريد أنه جاء فى معنى الغلبة أي يغلبون فى الجدل والخصومة. يقال : خاصمت فلانا فخصمته، أخصمه، بالكسر فى المضارع، وهذا مما شذ. والقياس الضم فى المضارع. وانظر اللسان (خصم) والطبري فى تفسير الآية.
(٧) ما بين النجمتين ساقط من ش، ج.
(٨) الليل : ساقط من ش، ج. [.....]


الصفحة التالية
Icon