معاني القرآن، ج ١، ص : ١٩
وقوله : وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ... (٢٠)
المعنى «١» - واللّه أعلم - : ولو شاء اللّه لأذهب سمعهم. ومن شأن العرب أن تقول «٢» : أذهبت بصره بالألف إذا أسقطوا الباء. فإذا أظهروا الباء أسقطوا الألف من «أذهبت». وقد قرأ بعض القرّاء :«يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ» «٣» بضمّ الياء والباء فى الكلام. وقرأ بعضهم :«وَ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ» «٤». فترى - واللّه أعلم - أن الذين ضمّوا على معنى الألف شبّهوا دخول الباء وخروجها من هذين الحرفين بقولهم : خذ بالخطام، وخذ الخطام، وتعلّقت بزيد، وتعلّقت زيدا. فهو «٥» كثير فى الكلام والشعر، ولست أستحبّ ذلك «٦» لقلّته، ومنه «٧» قوله :«آتِنا غَداءَنا» «٨» المعنى - واللّه أعلم - ايتنا بغدائنا فلما أسقطت الباء زادوا ألفا فى فعلت، ومنه قوله عزّ وجلّ :
«قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً» «٩» المعنى - فيما جاء «١٠» - ايتوني بقطر أفرغ عليه، ومنه قوله :«فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ» «١١» المعنى - واللّه أعلم - فجاء بها المخاض إلى جذع النخلة.
وقوله : فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ... (٢٣)
الهاء كناية عن القرآن فأتوا بسورة من مثل القرآن. وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ يريد آلهتكم. يقول : استغيثوا بهم وهو كقولك للرجل : إذا لقيت العدوّ خاليا فادع المسلمين. ومعناه : فاستغث واستعن «١٢» بالمسلمين.
(٢) فى ش، ج :«أن يقولوا».
(٣) آية ٤٣ سورة النور. وهذه قراءة أبى جعفر.
(٤) آية ٢٠ سورة المؤمنون. وهذه قراءة ابن كثير وأبى عمرو.
(٥) يريد المشبه به من قولهم : خذ بالخطام وما بعده.
(٦) يريد الجمع بين صيغة الإفعال والباء.
وهو المشبه.
(٧) رجوع لأصل الكلام فى قوله :«و من شأن العرب...».
(٨) آية ٦٢ سورة الكهف.
(٩) آية ٩٦ سورة الكهف.
(١٠) «فيما جاء» : ساقط من ج، ش.
(١١) آية ٢٣ سورة مريم.
(١٢) «و استعن» : ساقطة من ج، ش.