معاني القرآن، ج ١، ص : ١٩٨
و قوله : قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا «١» فيها ثلاثة أوجه أجودها الرفع، والنصب من جهتين : من وعدها إذ لم تكن النار مبتدأة، والنصب الآخر بإيقاع الإنباء عليها بسقوط الخفض. والخفض جائز لأنك لم تحل بينهما بمانع. والرفع على الابتداء.
فإن قلت : فما تقول فى قول الشاعر :
الآن بعد لجاجتى تلحوننى هلا التقدّم والقلوب صحاح
بم رفع التقدّم؟ قلت : بمعنى «٢» الواو فى قوله :(والقلوب صحاح) كأنه قال : العظة والقلوب فارغة، والرطب والحرّ شديد، ثم أدخلت عليها هلّا وهى على ما رفعتها، ولو نصبت التقدّم بنية فعل كما تقول : أتيتنا بأحاديث لا نعرفها فهلا أحاديث معروفة «٣».
ولو جعلت اللام فى قوله : لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ من صلة الإنباء جاز خفض الجنات والأزواج والرضوان.
وقوله : الَّذِينَ يَقُولُونَ... (١٦)
إن شئت جعلته خفضا نعتا للذين اتقوا، وإن شئت استأنفتها فرفعتها إذ كانت آية وما هى نعت له آية قبلها. ومثله قول اللّه تبارك وتعالى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ «٤» فلمّا انقضت الآية قال (التّائبون العابدون)، وهى فى قراءة عبد اللّه «التائبين العابدين».

(١) آية ٧٢ سورة الحج.
(٢) يريد أن خبر المبتدأ فى مثل هذا - وهو الذي بعده واو هى نص فى المعية - هو معنى الاقتران والصحبة، فإذا قلت : كل رجل وصنعته. فكأنك قلت : كل رجل مع صنعته. وبذلك يستغنى عن تقدير الخبر الذي يقول به البصريون. وما ذكره هو مذهب الكوفيين.
وترى أنه يرى أن (هلا) تدخل على الجملة الاسمية.
(٣) جواب لو محذوف : أي لجاز.
(٤) آية ١١١ سورة التوبة.


الصفحة التالية
Icon