معاني القرآن، ج ١، ص : ٢١٢
و «يبشرك» قرأها [بالتخفيف ] «١» أصحاب عبد اللّه فى خمسة مواضع من القرآن : فى آل عمران حرفان «٢»، وفى بنى «٣» إسرائيل، وفى الكهف «٤»، وفى مريم «٥». والتخفيف والتشديد صواب. وكأنّ المشدّد على بشارات البشراء، وكأن التخفيف من وجهة الإفراح والسرور. وهذا شىء كان المشيخة يقولونه. وأنشدنى بعض العرب :
بشرت عيالى إذ رأيت صحيفة أتتك من الحجّاج يتلى كتابها
و قد قال بعضهم : أبشرت، ولعلّها لغة حجازيّة. وسمعت سفيان بن عيينة يذكرها يبشر «٦». وبشرت لغة سمعتها من عكل، ورواها الكسائىّ عن غيرهم. وقال أبو ثروان :
بشرنى بوجه حسن. وأنشدنى الكسائىّ :
و إذا رأيت الباهشين إلى العلى غبرا أكفّهم بقاع ممحل «٧»
فأعنهم وابشر بما بشروا به وإذا هم نزلوا بضنك فانزل
و سائر القرآن يشدّد فى قول أصحاب عبد اللّه وغيرهم.
وقوله : يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً نصبت (مصدّقا) لأنه نكرة، ويحيى معرفة.
وقوله : بِكَلِمَةٍ يعنى مصدّقا بعيسى.

(١) زيادة يقتضيها السياق. يريد بالتخفيف قراءة الفعل (يبشر) على وزن ينصر.
(٢) هما فى آيتي ٣٩، ٤٥.
(٣) فى آية ٩.
(٤) فى آية ٢.
(٥) فى آية ٩٧. [.....]
(٦) فى اللسان :«فليبشر».
(٧) هذا الشعر من قصيدة مفضلية لعبد قيس بن خفاف البرجمىّ، يوصى فيها ابنه جبيلا. والباهش هو الفرح، كما قال الضبىّ، أو هو المتناول. وقوله :«و ابشر بما بشروا به» فى رواية المفضليات :
«و أيسر بما يسروا به»، أي ادخل معهم فى الميسر ولا تكن بر ما تنكب عنهم فإن الدخول فى الميسر من شيمة الكرماء عندهم إذ كان ما يخرج منه يصرف لذوى الحاجات. وانظر شرح المفضليات لابن الأنبارى ص ٧٥٣.


الصفحة التالية
Icon