معاني القرآن، ج ١، ص : ٢٣٠
و قوله : إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ... (١١٢)
يقول : إلا أن يعتصموا بحبل من اللّه فأضمر ذلك، وقال الشاعر «١» :
رأتنى بحبليها فصدّت مخافة وفى الحبل روعاء الفؤاد فروق
أراد : أقبلت بحبليها، وقال الآخر «٢» :
حنتنى حانيات الدهر حتى كأنى خاتل أدنو لصيد
قريب الخطو يحسب من رآنى ولست مقيّدا أنى بقيد
يريد : مقيّدا بقيد.
وقوله : لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ... (١١٣)
ذكر أمّة ولم يذكر بعدها أخرى، والكلام مبنىّ على أخرى يراد لأن سواء لا بدّ لها من اثنين فما زاد.
ورفع الأمة على وجهين أحدهما أنك تكرّه على سواء كأنك قلت :
لا تستوى أمة صالحة وأخرى كافرة منها أمّة كذا وأمّة كذا، وقد تستجيز العرب إضمار أحد الشيئين إذا كان فى الكلام دليل عليه، قال الشاعر «٣» :
عصيت إليها القلب إنى لأمرها سميع فما أدرى أرشد طلابها

(١) هو حميد بن ثور. والبيت من قصيدة له فى ديوانه المطبوع فى الدار ص ٣٥. وهو فى وصف ناقته. يقال ناقة روعاء الفؤاد : حديدته ذكيته. وفروق : خائفة : كأنه يريد أنه جاء بالحبال التي يشد بها عليها الرحل للسفر فارتاعت لما هى بسبيله من عناء السير.
(٢) هو أبو الطمحان القينى حنظلة بن الشرقىّ، وكان من المعمرين. و«حابل» أي ينصب الحبالة للصيد. وهى آلة الصيد. والرواية المشهورة «خاتل» من الختل وهو المخادعة. وانظر اللسان (ختل) وكتاب المعمرين لأبى حاتم ٤٧.
(٣) هو أبو ذؤيب الهذلىّ. والرواية المعروفة :«عصانى إليها القلب». وانظر ديوان الهذليين (الدار) ١/ ٧٢.


الصفحة التالية
Icon