معاني القرآن، ج ١، ص : ٢٣٥
مكان أىّ من الذي أو ألفا ولا ما نصبت بما يقع عليه كما قال اللّه تبارك :
فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ «١» وجاز ذلك لأن فى «الذي» وفى الألف واللام تأويل من وأىّ إذ كانا فى معنى انفصال من الفعل.
فإذا وضعت مكانهما اسما لا فعل فيه لم يحتمل هذا المعنى. فلا يجوز أن تقول : قد سألت فعلمت عبد اللّه، إلا أن تريد علمت ما هو. ولو جعلت مع عبد اللّه اسما فيه دلالة على أىّ جاز ذلك كقولك : إنما سألت لأعلم عبد اللّه من زيد، أي لأعرف ذا من ذا. وقول اللّه تبارك وتعالى : لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ «٢» يكون : لم تعلموا مكانهم، ويكون لم تعلموا ما هم أكفار أم مسلمون. واللّه أعلم بتأويله.
وقوله : وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا... (١٤١)
يريد : يمحّص اللّه الذنوب عن الذين آمنوا، وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ : ينقصهم ويفنيهم.
وقوله : وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢) خفض الحسن «و يعلم الصابرين» يريد الجزم. والقرّاء بعد تنصبه. وهو الذي يسمّيه النحويّون الصرف كقولك :«لم آته وأكرمه إلا استخفّ بي» والصرف أن يجتمع الفعلان بالواو أو ثم أو الفاء أو أو، وفى أوّله جحد أو استفهام، ثم ترى ذلك الجحد أو الاستفهام ممتنعا أن يكّر فى العطف، فذلك الصرف. ويجوز فيه الإتباع لأنه نسق فى اللفظ وينصب إذ كان ممتنعا أن يحدث فيهما ما أحدث
(٢) آية ٤٥ سورة الفتح.