معاني القرآن، ج ١، ص : ٢٥
ماضيا فإن جئت بيكون مع عسى وكاد صلح ذلك فقلت : عسى أن يكون قد ذهب كما قال اللّه :«قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ» «١».
وقوله : وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ يعنى نطفا «٢»، وكل ما فارق الجسد من شعر أو نطفة فهو ميتة واللّه أعلم. يقول : فأحياكم من النّطف، ثم يميتكم بعد الحياة، ثم يحييكم للبعث.
وقوله : ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ... (٢٩)
الاستواء فى كلام العرب على جهتين : إحداهما أن يستوى الرجل [و] «٣» ينتهى شبابه، أو يستوى عن اعوجاج، فهذان وجهان. ووجه ثالث أن تقول : كان مقبلا على فلان ثم استوى علىّ يشاتمنى وإلىّ سواء «٤»، على معنى أقبل إلى وعلىّ فهذا معنى قوله : ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ واللّه أعلم. وقال «٥» ابن عباس : ثم استوى إلى السماء : صعد، وهذا كقولك للرجل : كان قائما فاستوى قاعدا، وكان قاعدا فاستوى قائما. وكلّ فى كلام العرب جائز.
فأما قوله : ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ فإن السماء فى معنى جمع، فقال «فَسَوَّاهُنَّ» للمعنى المعروف أنهنّ سبع سموات. وكذلك الأرض يقع عليها - وهى واحدة - الجمع. ويقع عليهما التوحيد وهما مجموعتان، قال اللّه عزّ وجلّ :«رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» «٦». ثم قال :«وَ ما بَيْنَهُما» ولم يقل بينهن، فهذا دليل على ما (قلت «٧» لك).
(٢) فى ش :«يعنى النطف». [.....]
(٣) فى الأصول «أو» بدل الواو.
(٤) فى ج، ش :«استوى علىّ وإلىّ يشاتمنى» وكذا فى اللسان.
(٥) فى أ: «و قد قال».
(٦) آية ٥ سورة والصافات.
(٧) فى أ: (أخبرتك).