معاني القرآن، ج ١، ص : ٢٩٩
و قوله : وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ : ولا القتال فى الشهر الحرام.
وَ لَا الْهَدْيَ وهو هدى المشركين : أن تعرضوا له ولا أن تخيفوا من قلّد بعيره. وكانت العرب إذا أرادت أن تسافر فى غير أشهر «١» الحرم قلّد أحدهم بعيره، فيأمن بذلك، فقال : لا تخيفوا من قلّد. وكان أهل مكّة يقلّدون بلحاء «٢» الشجر، وسائر العرب يقلّدون بالوبر والشعر.
وقوله : وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ يقول : ولا تمنعوا من أمّ البيت الحرام أو أراده من المشركين. ثم نسخت هذه «٣» الآية التي فى التوبة فَاقْتُلُوا «٤» الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ إلى آخر الآية.
وقوله : وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ قرأها يحيى بن وثّاب والأعمش : ولا يجرمنّكم، من أجرمت، وكلام «٥» العرب وقراءة القرّاء يَجْرِمَنَّكُمْ بفتح الياء. جاء التفسير : ولا يحملنّكم بغض قوم. قال الفرّاء : وسمعت العرب تقول :
فلأن جريمة أهله، يريدون : كاسب لأهله، وخرج يجرمهم : يكسب لهم. والمعنى فيها متقارب : لا يكسبنّكم بغض قوم أن تفعلوا شرّا. ف (أن) فى موضع تصب.
فإذا جعلت «٦» فى (أن) (على) ذهبت إلى معنى : لا يحملنّكم بغضهم على كذا وكذا، على أن لا تعدلوا، فيصلح طرح (على) كما تقول : حملتنى أن أسأل وعلى أن أسأل.

(١) كذا. والكوفيون يجيزون إضافة الموصوف للوصف.
(٢) لحاء الشجر : قشره.
(٣) كذا فى ج. وفى ش :«هى». [.....]
(٤) آية ٥.
(٥) فى اللسان (جرم) :«و قال أبو إسحق : يقال : أجرمنى كذا وجرمنى. وجرمت وأجرمت بمعنى واحد. وقيل فى قوله تعالى :(لا يَجْرِمَنَّكُمْ) : لا يدخلنكم فى الجرم كما يقال : آثمته أي أدخلته فى الإثم» وأبو إسحق هو الزجاج، وهو بصرى. فقول القرطبي :«و لا يعرف البصريون الضم» موضع نظر.
(٦) أي إذا قدّرت حرف الجرّ المحذوف الداخل على (أن) هو (على).


الصفحة التالية
Icon