معاني القرآن، ج ١، ص : ٣١٢
قال الكسائىّ : أرفع (الصابئون) على إتباعه الاسم الذي فى هادوا، ويجعله «١» من قوله (إنا هدنا إليك) «٢» لا من «٣» اليهودية. وجاء التفسير بغير ذلك لأنه وصف الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، ثم ذكر اليهود والنصارى فقال : من آمن منهم فله كذا، فجعلهم يهودا ونصارى.
وقوله «٤» : فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ... (٤٥)
كنى (عن «٥» [الفعل ] بهو) وهى فى الفعل الذي يجرى منه فعل ويفعل، كما تقول :
قد قدمت القافلة ففرحت به، تريد : بقدومها.
وقوله (كفّارة له) يعنى : للجارح والجاني، وأجر للمجروح.
وقوله : وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً... (٤٦)
ثم قال (ومصدّقا) فإن شئت جعل (مصدّقا) من صفة عيسى، وإن شئت من صفة الإنجيل.
وقوله وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ متبع للمصدّق فى نصبه، ولو رفعته على أن تتبعهما قوله (فيه هدى ونور) كان صوابا.
وقوله : وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ... (٤٧)
قرأها حمزة وغيره نصبا «٦»، وجعلت اللام فى جهة كى. وقرئت (وليحكم) جزما على أنها لام أمر.
(٢) آية ١٥٦ سورة الأعراف.
(٣) يريد أن «هادوا» فى قوله :«و الذين هادوا» بمعنى تابوا ورجعوا إلى الحق، كما فى آية الأعراف، وليس معنى «الذين هادوا» الذين كانوا على دين اليهودية. والذين هادوا بالمعنى الأوّل يدخل فيه بعض الصابئين فيصح العطف، بخلافه على المعنى الثاني.
(٤) تقدم بعض هذه الآية قبل الآية السابقة.
(٥) فى الأصول :«عن ألهو» والظاهر أنه مغير عما أثبتنا.
(٦) فالميم عنده مفتوحة. وقد كسر اللام.