معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٢٠
قوله : فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ... (٩٥)
يقول : من أصاب صيدا ناسيا لإحرامه معتمدا للصيد حكم عليه حاكمان عدلان فقيهان يسألانه : أقتلت قبل هذا صيدا؟ فإن قال : نعم، لم يحكما عليه، وقالا :
ينتقم اللّه منك. وإن قال : لا، حكما عليه، فإن بلغ قيمة حكمها ثمن بدنة أو شاة حكما بذلك عليه هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ وإن لم يبلغ ثمن شاة حكما عليه بقيمة ما أصاب :
دراهم، ثمّ قوّماه طعاما، وأطعمه المساكين لكل مسكين نصف صاع. فإن لم يجد حكما عليه أن يصوم يوما مكان كل نصف صاع.
وقوله : أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً والعدل : ما عادل الشيء من غير جنسه، والعدل المثل. وذلك أن تقول : عندى عدل غلامك وعدل شاتك إذا كان غلاما يعدل غلاما أو شاة تعدل شاة. فإذا أردت قيمته من غير جنسه نضبت العين.
وربما قال بعض العرب : عدله. وكأنه منهم غلط لتقارب معنى العدل من العدل.
وقد اجتمعوا على واحد الأعدال أنه عدل. ونصبك الصيام على التفسير كما تقول : عندى رطلان عسلا، وملء بيت قتّا «١»، وهو مما يفسّر للمبتدئ : أن ينظر إلى (من) فإذا حسنت فيه ثم ألقيت نصبت ألا ترى أنك تقول : عليه عدل ذلك من الصيام. وكذلك قول اللّه تبارك وتعالى «فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْ ءُ الْأَرْضِ ذَهَباً» «٢».

(١) القت : الرطبة واليابسة من علف الدواب.
(٢) آية ٩١ سورة آل عمران.


الصفحة التالية
Icon