معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٣٣
و قوله : قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ... (٤٠)
العرب لها فى (أ رأيت) لغتان، ومعينان.
أحدهما أن يسأل الرجل الرجل : أرأيت زيدا بعينك؟ فهذه مهموزة. فإذا أوقعتها على الرجل منه قلت : أرأيتك على غير هذه الحال؟ تريد : هل رأيت نفسك على غير هذه الحال. ثم «١» تثنّى وتجمع، فتقول للرجلين : أرايتما كما، وللقوم :
أ رأيتموكم، وللنسوة : أرأيتنّكنّ «٢»، وللمرأة : أرأيتك، تخفض التاء والكاف، لا يجوز إلا ذلك.
والمعنى الآخر أن تقول : أرأيتك، وأنت تريد : أخبرنى (وتهمزها) «٣» وتنصب التاء منها وتترك الهمز إن شئت، وهو أكثر كلام العرب، وتترك التاء موحّدة مفتوحة للواحد والواحدة [والجميع «٤» فى ] مؤنّثه ومذكّره. فتقول للمرأة : أرايتك زيدا هل خرج، وللنسوة : أرايتكنّ زيدا ما فعل. وإنما تركت العرب التاء واحدة لأنهم لم يريدوا أن يكون الفعل منها واقعا على نفسها، فاكتفوا بذكرها فى الكاف، ووجّهوا التاء إلى المذكّر والتوحيد إذ لم يكن الفعل واقعا. وموضع الكاف نصب وتأويله رفع كما أنك إذا قلت للرجل : دونك زيدا وجدت الكاف فى اللفظ خفضا وفى المعنى رفعا لأنها مأمورة.
والعرب إذا أوقعت فعل شىء على نفسه قد كنى فيه عن الاسم قالوا فى الأفعال التامّة غير ما يقولون فى الناقصة. فيقال للرجل : قتلت نفسك، وأحسنت إلى
(٢) رسم فى اللسان (رأى) :«أرأتن كن» وظاهر أن «أرأتن» تحريف عن «أ رأيتن».
(٣) فى عبارة اللسان :«فتهمزها».
(٤) ثبت ما بين الجاصرين فى عبارة اللسان، و
(٤) هو عامر بن الحارث النميرىّ عند صاحب القاموس تبعا للصاغاتىّ. وعند الجوهرى : المستورد.
وقد لقب جران العود لهذا الشعر. والعود : البعير المسنّ وجرانه مقدّم عنقه. كان له امرأتان لا ترضيانه، فاتخذ من جران العود سوطا قدّه من جران عود نحره، وهو أصلب ما يكون. فقوله :«يا جارتى» يريد زوجتيه.
(٥) كذا فى ج. وفى ش :«لو لاك».
(٦) آية ١٠ سورة المنافقين.