معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٦٩
بعينها مقطّعة، وإذا لم يأتين متواليات دللن على الكلام المتصل لا على المقطّع.
أنشدنى الحارثىّ :
تعلمت باجاد وآل مزامر وسوّدت أثوابى ولست بكاتب «١»
و أنشدنى بعض بنى أسد :
لمّا رأيت أمرها فى حطّى وفنكت فى كذب ولط «٢»
أخذت منها بقرون شمط ولم يزل ضربى لها ومعطى
حتى على الرأس دم يغطى فاكتفى بحطى من أبى جاد، ولو قال قائل : الصبى فى هوّز أو كلمن، لكفى ذلك من أبى جاد.
وقد قال الكسائىّ : رفعت كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وأشباهه من المرفوع بعد الهجاء بإضمار (هذا) أو (ذلك) وهو وجه. وكأنه إذا أضمر (هذا) أو (ذلك) أضمر لحروف الهجاء ما يرفعها قبلها لأنها لا تكون إلا ولها موضع.
قال : أفرأيت ما جاء منها ليس بعده «٣» ما يرافعه مثل قوله : حم. عسق، ويس، وق، وص، مما يقلّ أو يكثر، ما موضعه إذ لم يكن بعده مرافع؟ قلت :
ويريد بآله حروف الهجاء لأنه اشتهر بتعليمها، أو لأنه سمى أولاده الثمانية بأسماء جملها، فسمى أحدهم أبجد وهكذا الباقي. وانظر اللسان فى مرر. [.....]
(٢) كأنه يتحدّث عن امرأة لا يرضى خلقها، حاول إصلاحها فلم تنقد له ولم تتقدّم، كأنها تستمر فى أوّل وسائل تعلمها، كالصبى لا يعدو فى تعلمه حروف الهجاء. وفنكت فى الكذب : لجت فيه وتمادت.
واللط : ستر الخبر وكتمه. والمعط : الشدّ والجذب. والقرون الشمط : يريد خصل شعر رأسها المختلط فيه السواد والبياض، يريد أنها جاوزت عهد الشباب. وقوله : على الرأس، فعلى جارة. ويضح أن يقرأ : علا الرأس، فيكون (علا) فعلا و(الرأس) مفعول.
(٣) فى ش، ج :«قبله». وظاهر أنه سهو من الناسخ.