معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٧٤
كما جمعوا مسيل الماء أمسلة، شبّه بفعيل وهو مفعل. وقد همزت العرب المصائب وواحدتها مصيبة شبهت بفعيلة لكثرتها فى الكلام.
وقوله : قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ (١٢) المعنى - واللّه أعلم - ما منعك أن تسجد. و(أن) فى هذا الموضع تصحبها لا، وتكون (لا) صلة. كذلك تفعل بما كان فى أوّله جحد. و«١» ربما أعادوا على خبره جحدا للاستيثاق من الجحد والتوكيد له كما قالوا :
ما إن رأينا مثلهن لمعشر سود الرءوس فوالج وفيول «٢»
و (ما) جحد و(إن) جحد فجمعتا للتوكيد. ومثله : وَما «٣» يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ. ومثله : وَحَرامٌ «٤» عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ. ومثله :
لِئَلَّا «٥» يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ إلا أن معنى الجحد الساقط فى لئلا من أوّلها لا من آخرها المعنى : ليعلم أهل الكتاب ألا يقدرون. وقوله : ما مَنَعَكَ (ما) فى موضع رفع. ولو وضع لمثلها من الكلام جواب مصحح كان رفعا، وقلت :
منعنى منك أنك بخيل. وهو مما ذكر جوابه على غير بناء أوله، فقال :(أنا خير منه) ولم يقل : منعنى من السجود أنى خير منه كما تقول فى الكلام : كيف بتّ البارحة؟ فيقول : صالح، فيرفع أو تقول : أنا بخير، فتستدلّ به على معنى الجواب، ولو صحح الجواب لقال صالحا، أي بتّ صالحا.

(١) الأظهر فى المعنى حذف الواو.
(٢) الفوالج جمع الفالج بكسر اللام، وهو البعير ذو السنامين، والفيول جمع الفيل للحيوان المعروف.
(٣) آية ١٠٩ سورة الأنعام.
(٤) آية ٩٥ سورة الأنبياء. [.....]
(٥) آية ٢٩ سورة الحديد.


الصفحة التالية
Icon