معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٩
الآلهة ثلاثة. وقوله :«قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ» «١» ففيها وجهان : إن أردت : ذلك الذي قلنا معذرة إلى ربكم رفعت، وهو الوجه. وإن أردت : قلنا ما قلنا معذرة إلى اللّه فهذا وجه نصب «٢». وأما قوله :«وَ يَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا» «٣» فإن العرب لا تقوله إلّا رفعا وذلك أنّ القوم يؤمرون بالأمر يكرهونه فيقول أحدهم : سمع وطاعة، أي قد دخلنا أوّل هذا الدّين على أن نسمع ونطيع فيقولون : علينا ما ابتدأناكم به، ثم يخرجون فيخالفون، كما قال عز وجل :
«فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ [بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ]» [أي ] فإذا خرجوا من عندك بدّلوا «٤». ولو أردت فى مثله من الكلام : أي نطيع، فتكون «٥» الطاعة جوابا للأمر بعينه جاز النصب، لأنّ كلّ مصدر وقع موقع فعل ويفعل جاز نصبه، كما قال اللّه تبارك وتعالى :«مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ» «٦» [معناه واللّه أعلم :
نعوذ باللّه أن نأخذ]. ومثله فى النور :«قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ»
«٧» الرفع على ليكن منكم ما يقوله أهل السّمع والطاعة. وأما قوله فى النحل :«وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» «٨» فهذا قول أهل الجحد لأنهم قالوا لم ينزل شيئا، إنما هذا أساطير الأوّلين وأما الذين آمنوا فإنهم أقرّوا فقالوا : أنزل ربّنا خيرا «٩»، ولو رفع خير على : الذي أنزله خير لكان صوابا، فيكون بمنزلة قوله :
«يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ» «١٠» و«قُلِ الْعَفْوَ» النّصب على الفعل : ينفقون

(١) آية ١٦٤ سورة الأعراف. [.....]
(٢) فى ش، ج :«النصب».
(٣) آية ٨١ سورة النساء.
(٤) فى الأصول :«فإذا خرجوا من عندك بدلوا»، وقد زدنا «أي» وأكلنا الآية كما ترى، ليكون هذا تفسيرا لها.
(٥) فى أ: «تكون».
(٦) آية ٧٩ سورة يوسف.
وما بين المربعين ساقط من أ.
(٧) آية ٥٣ من السورة المذكورة.
(٨) آية ٢٤ وما بين النجمتين ساقط من ج، ش.
(٩) يشير إلى قوله تعالى :«قالُوا خَيْراً» آية ٣٠ من سورة النحل.
(١٠) آية ٢١٩ سورة البقرة.


الصفحة التالية
Icon