معاني القرآن، ج ١، ص : ٤
و أمّا الذين رفعوا اللّام فإنهم أرادوا المثال الأكثر من أسماء العرب الذي يجتمع فيه الضمتان مثل : الحلم والعقب «١».
ولا تنكرنّ أن يجعل الكلمتان كالواحدة إذا كثر بهما الكلام. ومن ذلك قول العرب :«بأبا» إنما هو «بأبى» الياء من المتكلم ليست من الأب فلما كثر بهما الكلام توهّموا أنهما حرف واحد فصيّروها ألفا ليكون على مثال :
حبلى وسكرى وما أشبهه من كلام العرب. أنشدنى أبو ثروان :
قال الجواري ما ذهبت مذهبا وعبننى ولم أكن معيّبا
هل أنت إلّا ذاهب لتلعبا أريت إن أعطيت نهدا كعثبا «٢»
أذاك أم نعطيك هيدا هيدبا «٣» أبرد فى الظّلماء من مسّ الصّبا
فقلت : لا، بل ذاكما يا بيبا «٤» أجدر «٥» ألّا تفضحا وتحربا
«هل أنت إلّا ذاهب لتلعبا» «٦» ذهب ب «هل» إلى معنى «ما».

(١) العقب : العاقبة. ويقال فيه العقب بضم فسكون.
(٢) يصف الركب (أي الفرج). والنهد : المرتفع المشرف ومنه نهد الثدي (كمنع ونصر) نهودا إذا كعب وارتفع وأشرف. وكعثب نهد : ناتى مرتفع فإن كان لا صقا فهو هيدب. والكعثب والكثعب : الكرب الضخم الممتلى الشاخص المكتنز الناتئ. والكعثب أيضا صاحبته يقال : امرأة كعثب وكثعب أي ضخمة الركب.
(٣) الهيد الهيدب : الذي فيه رخاوة مثل ركب العجائز المسترخى لكبرها.
(٤) «يا بيبا» أصله : يا بأبى، و«يا» للنداء المراد منه التنبيه، وقد تستعمل فى موضعه «وا» كقول الراجز :
وا بأبى أنت وفوك الأشنب
(٥) فى الأصول :«أحذر» وهو تصحيف. «و تحربا» : أي تغضبا. وحرب كفرح :
اشتدّ غضبه.
(٦) أعاد هذا الشطر ليتكلم على شىء فيه. يريد أن الغرض من الاستفهام النفي كقوله تعالى :«هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ».


الصفحة التالية
Icon