معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٢٤
فقال : ولا جبل، للجحد وأوّله استفهام ونيّته الجحد معناه ليس يحرزه من يومه شىء. وزعم الكسائي أنه سمع العرب تقول : أين كنت لتنجو منى، فهذه اللام إنما تدخل ل (ما) التي يراد بها الجحد كقوله : ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا «١»، وَما كُنَّا «٢» لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ.
وقوله : كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ (٨) اكتفى ب (كيف) ولا فعل معها لأن المعنى فيها قد تقدّم فى قوله : كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ وإذا أعيد الحرف وقد مضى معناه استجازوا حذف الفعل كما قال الشاعر «٣» :
و خبرتمانى أنما الموت فى القرى فكيف وهذى هضبة وكثيب
و قال الحطيئة :
فكيف ولم أعلمهم خذلوكم على معظم ولا أديمكم قدّوا «٤»

(١) آية ١١١ سورة الأنعام.
(٢) آية ٤٣ سورة الأعراف.
(٣) هو كعب بن سعد الغنوي من قصيدة يرثى فيها أخاه أبا المغوار، وقد ذكره فى قوله :
و داع دعا : يا من يجيب إلى الندى فلم يستجبه عند ذاك مجيب
فقلت : ادع أخرى وارفع الصوت جهرة لعل أبى المغوار منك قريب
يقول : إن الناس تعتقد أن فى الريف الوباء والمرض، وفى البادية الصحة وطيب الهواء، وقد مات أخوه وهو فى حر البادية بين هضبة وقليب، أي بئر لا نهر يجرى فى القرى. وورد الشطر الثاني فى اللسان (الألف اللينة) :
فكيف وهاتا روضة وكثيب
(٤) من قصيدته فى مدح بنى شماس بن لأى من بنى سعد. والمعظم بفتح الظاء وكسرها : الأمر العظيم.
يقول : إن بنى شماس يقومون بنصرة عشيرتهم، ومع ذلك يحسدهم قومهم. وقدّ الأديم : شقه.
يقول : لا يقدح فى عرضكم ولا يفسد أمركم.


الصفحة التالية
Icon