معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٣٠
و قوله : إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (٢٨) لا تكاد العرب تقول : نجس إلا وقبلها رجس. فإذا أفردوها قالوا : نجس لا غير ولا يجمع ولا يؤنث. وهو مثل دنف «١». ولو أنّث هو ومثله كان صوابا كما قالوا : هى : ضيفته وضيفه، وهى أخته سوغه «٢» وسوغته، وزوجه وزوجته.
وقوله : إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ. قال يومئذ رجل من المسلمين : واللّه لا نغلب، وكره ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكان المسلمون يؤمئذ عشرة آلاف، وقال بعض الناس : اثنى عشر ألفا، فهزموا هزيمة شديدة.
وهو قوله : وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ والباء هاهنا بمنزلة فى كما تقول : ضاقت عليكم الأرض فى رحبها وبرحبها. حدّثنا محمد قال حدّثنا الفرّاء، قال : وحدّثنى المفضل عن أبى إسحاق قال قلت للبراء «٣» بن عازب : يا أبا عمارة أفررتم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم حنين؟ قال : نعم واللّه حتى ما بقي معه منا إلا رجلان : أبو سفيان «٤» بن الحرث آخذا بلجامه، والعباس بن عبد المطلب عند ركابه آخذا بثفره «٥». قال فقال لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم كما قال لهم يوم بدر :
شاهت الوجوه،
أنا النبىّ لا كذب أنا ابن عبد المطلب
قال : فمنحنا اللّه أكتافهم.
(٢) أي ولدت على أثره ولم يكن بينهما ولد.
(٣) هو من فضلاء الأوس. شهد أحدا والمشاهد. ونزل الكوفة، توفى سنة ٧١ أو ٧٢.
(٤) هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى اللّه عليه وسلم.
(٥) المروي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان فى هذا اليوم راكبا بغلة. فقوله : آخذا بثفره أي بثفر مركوبه. والثفر : السير فى مؤخر السرج. والذي فى سيرة ابن هشام أن الذي كان آخذا بالثفر أبو سفيان. فأما العباس فكان آخذا بحكمة البغلة. والحكمة - بالتحريك - طرفا اللجام.