معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٣٣
و قوله : وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ. وذكر أن رجلا دخل فى النصارى وكان خبيثا منكرا فلبّس عليهم، وقال : هو هو. وقال : هو ابنه، وقال : هو ثالث ثلاثة. فقال اللّه تبارك وتعالى فى قولهم ثالث ثلاثة :
يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فى قولهم : اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى.
وقوله : اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ (٣١) قال : لم يعبدوهم، ولكن أطاعوهم فكانت كالربوبية.
وقوله : وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ (٣٢) دخلت (إلّا) لأن فى أبيت طرفا من الجحد ألا ترى أن (أبيت) كقولك :
لم أفعل، ولا أفعل، فكأنه بمنزلة قولك : ما ذهب إلا زيد. ولو لا الجحد إذا ظهر أو أتى الفعل محتملا لضميره «١» لم تجز دخول إلّا كما أنك لا تقول : ضربت إلا أخاك، ولا ذهب إلا أخوك. وكذلك قال الشاعر «٢» :
و هل لى أمّ غيرها إن تركتها أبى اللّه إلا أن أكون لها ابنما
و قال الآخر :
إيادا وأنمارها الغالبين إلّا صدودا وإلا ازورارا
أراد : غلبوا إلا صدودا وإلا ازورارا، وقال الآخر :
و اعتلّ إلا كل فرع معرق مثلك لا يعرف بالتلهوق «٣»
(٢) هو المتلمس. والبيت من قصيدة له يرد فيها على من عيره أمه، مطلعها :
تعيرنى أمي رجال ولا أرى أخا كرم إلا بأن يتكرما
و هى فى مختارات ابن الشجري.
(٣) التلهوق : التملق. ويقال أيضا للتكلف. [.....]