معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٤٠
(لا انفصام لها) «١» فتكتب بالألف لأن (لا) فى (انفصام) تبرئة، والألف من (انفصام) خفيفة. والعرب تقول : أوضع الراكب ووضعت الناقة فى سيرها.
وربما قالوا للراكب وضع قال الشاعر :
إنى إذا ما كان يوم ذو فزع ألفيتنى محتملا بذي أضع «٢»
و قوله :(يبغونكم الفتنة) المعنى : يبغونها لكم. ولو أعانوهم على بغائها لقلت :
أبغيتك الفتنة. وهو مثل قولك : أحلبنى واحلبنى.
وقوله : وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي (٤٩) وذلك لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لجدّ «٣» بن قيس : هل لك فى جلاد بنى الأصفر؟ - يعنى الروم - وهى غزوة تبوك، فقال جدّ : لا، بل تأذن لى، فأتخلف فإنى رجل كلف بالنساء أخاف فتنة بنات الأصفر. وإنما سمى الأصفر لأن حبشيا «٤» غلب على ناحية الروم وكان له بنات قد أخذن من بياض الروم وسواد الحبشة فكن صفرا لعسا «٥». فقال اللّه تبارك وتعالى أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا فى التخلف عنك «٦». وقد عذل المسلمون فى غزوة تبوك وثقل عليهم الخروج لبعد الشقة «٧»، وكان أيضا زمان عسرة وأدرك الثمار وطاب الظل، فأحبّوا الإقامة، فوبّخهم اللّه.
(٢) محتملا على صيغة اسم المفعول من احتمل إذا غضب واستخفه الغضب. وقوله : بذي كأنه يريد : بذي الناقة أو بذي الفرس. وقد يكون المراد : محتملا رحلى - على صيغة اسم الفاعل - بالبعير الذي أضعه. فذى هنا موصول على لغة الطائيين.
(٣) كان سيد بنى سلمة من الأنصار. وكان ممن يرمى بالنفاق ومات فى خلافة عثمان.
(٤) فى ا :«جيشا».
(٥) جمع لعساء. وهى التي فى لونها سواد، وتكون مشربة بحمرة.
(٦) كذا فى أ. وفى ش، ج :«عندك».
(٧) كذا فى ش، ج. وفى ا :«المشقة».