معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٦٢
و قوله : كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً و(قطعا) «١». والقطع قراءة العامّة.
وهى فى مصحف أبى كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل مظلم فهذه حجة لمن قرأ بالتخفيف. وإن شئت جعلت المظلم وأنت تقول قطع قطعا «٢» من الليل، وإن شئت جعلت المظلم نعتا للقطع، فإذا قلت قطعا كان قطعا من الليل خاصة.
والقطع ظلمة آخر الليل فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ «٣».
وقوله : فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ (٢٨) ليست من زلت إنما هى من زلت ذا من ذا : إذا فرّقت أنت ذا من ذا.
وقال فَزَيَّلْنا لكثرة الفعل. ولو قلّ لقلت : زل ذا من ذا كقولك : مز ذا من ذا. وقرأ بعضهم فزايلنا بينهم وهو مثل قوله يُراؤُنَ
و يرءّون «٤» وَلا تُصَعِّرْ «٥»، ولا تصاعر والعرب تكاد توفّق بين فاعلت وفعّلت فى كثير من الكلام، ما لم ترد فعلت بي وفعلت بك «٦»، فإذا أرادوا هذا لم تكن إلا فاعلت. فإذا أردت : عاهدتك وراءيتك وما يكون الفعل فيه مفردا فهو الذي يحتمل فعلت وفاعلت. كذلك يقولون :
كالمت فلانا وكلّمته، وكانا متصارمين فصارا يتكالمان ويتكلّمان.
(٢) يريد أن يكون المظلم حالا من الليل، وكذا فى الوجه الآتي فى المتحرك. ولو كان «نعتا» كان أظهر، ويكون المراد بالنعت الحال.
(٣) آية ٨١ سورة هود.
(٤) آية ١٤٢ سورة النساء. وقد قرأ بتشديد الهمزة ابن أبى إسحق. [.....]
(٥) آية ١٨ سورة لقمان. قرأ نافع وأبو عمرو والكسائي وخلف «تصاعر» والباقون «تصعر».
(٦) يعنى إذا كان الفعل بين اثنين.