معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٦٧
و قوله : إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (٥٠) إن شئت جعلت (ماذا) استفهاما محضا على جهة التعجّب كقوله : ويلهم ماذا أرادوا باستعجال العذاب؟! وإن شئت عظّمت أمر العذاب فقلت : بماذا استعجلوا! وموضعه رفع إذا جعلت الهاء راجعة عليه، وإن جعلت الهاء فى (منه) للعذاب وجعلته «١» فى موضع نصب أوقعت عليه الاستعجال.
وقوله : آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١) (الآن) حرف بنى على الألف واللام لم تخلع «٢» منه، وترك على مذهب الصفة لأنه صفة فى المعنى واللفظ كما رأيتهم فعلوا فى (الذي) و(الذين) فتركوهما على مذهب الأداة، والألف واللام لهما غير مفارقتين. ومثله قول الشاعر :
فإن الألاء يعلمونك منهم كعلمى مظّنّوك ما دمت أشعرا «٣»
فأدخل الألف واللام على (ألاء) ثم تركها مخفوضة فى موضع النصب كما كانت قبل أن تدخلها الألف واللام. ومثله قوله :
و أنى حبست اليوم والأمس قبله ببابك حتى كادت الشمس تغرب «٤»

(١) حذف جواب (إن) على عادته، أي لجاز. وقد يكون الجواب :«أوقعت». وربما كان الأصل «جعلته» دون واو، وهو الجواب. وقوله :«أوقعت» تفسير وتعليل له.
(٢) فى اللسان (أين) :«يخلعا». [.....]
(٣) «كعلمى» فى ا :«كعلم».
(٤) من قصيدة لنصيب يخاطب فيها عبد العزيز بن مروان وكان وفد عليه فى مصر فحجب عنه. وقبله :
ألا هل أتى الصقر ابن مروان أننى أرد لدى الأبواب عنه وأحجب
و قوله :«و أنى حبست اليوم» فالأقرب فتح «أن» عطفا على «أننى» فى البيت قبله. ويصح الرفع على الاستئناف.


الصفحة التالية
Icon