معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٧١
و إنما رفعت العرب النعوت إذا جاءت بعد الأفاعيل «١» فى (إنّ) لأنهم رأوا الفعل «٢» مرفوعا، فتوهّموا أن صاحبه مرفوع فى المعنى - لأنهم لم يجدوا فى تصريف المنصوب اسما منصوبا وفعله مرفوع - فرفعوا النعت. وكان الكسائىّ يقول َمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ
(٧١) والإجماع : الإعداد والعزيمة على الأمر. ونصبت الشركاء بفعل مضمر كأنك قلت : فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم. وكذلك هى فى قراءة عبد اللّه. والضمير «١» هاهنا يصلح إلقاؤه لأن معناه يشا كل ما أظهرت كما قال الشاعر «٢» :
و رأيت زوجك فى الوغى متقلّدا سيفا ورمحا
فنصبت الرمح بضمير الحمل غير أن الضمير صلح حذفه لأنهما سلاح يعرف ذا بذا، وفعل هذا مع فعل هذا.
وقد قرأها الحسن (وشركاؤكم) بالرفع، وإنما الشركاء هاهنا آلهتهم كأنه أراد : أجمعوا أمركم أنتم وشركاؤكم. ولست أشتهيه لخلافه للكتاب، ولأن المعنى فيه ضعيف لأن الآلهة لا تعمل ولا تجمع. وقال الشاعر :
يا ليت شعرى والمنى لا تنفع هل أغدون يوما وأمرى مجمع
فإذا أردت جمع الشيء المتفرّق قلت : جمعت القوم فهم مجموعون كما قال اللّه تبارك وتعالى (ذلك «٣» يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود) وإذا أردت كسب المال قلت : جمّعت المال كقول اللّه تبارك وتعالى الَّذِي «٤» جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ وقد يجوز جمع مالا وعدّده. وهذا من نحو قتلوا وقتّلوا.
(٢) هو عبد اللّه بن الزبعرى. وانظر كامل المبرّد بشرح المرصفى ٣/ ٢٣٤.
(٣) آية ١٠٣ سورة هود. [.....]
(٤) آية ٢ سورة الهمزة. وقراءة التشديد لابن عامر وحمزة والكسائي من السبعة. وقرأ الباقون بالتخفيف.