معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٧٦
يجاب بجزم مثله أو بالفاء. فإن كان ما بعد الفاء حرفا من حروف الاستئناف وكان يرفع أو ينصب أو يجزم صلح فيه إضمار الفاء. وإن كان فعلا أوّله الياء أو التاء أو كان على جهة فعل أو فعلوا لم يصلح فيه إضمار الفاء لأنه يجزم إذا لم تكن الفاء، ويرفع إذا أدخلت الفاء. وصلح فيما «١» قد جزم قبل أن تكون الفاء لأنها إن دخلت أو لم تدخل فما بعدها جزم كقولك للرجل : إن شئت فقم ألا ترى أنّ (قم) مجزومة ولو لم يكن فيها الفاء، لأنك إذا قلت إن شئت قم جزمتها بالأمر، فكذلك قول الشاعر «٢» :
من يفعل الحسنات اللّه يشكرها والشرّ بالشرّ عند اللّه مثلان
ألا ترى أن قولك :(اللّه يشكرها) مرفوع كانت فيه الفاء أو لم تكن، فلذلك صلح ضميرها «٣».
وقوله : فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ (٨٣) ففسّر المفسرون الذرّيّة : القليل. وكانوا - فيما بلغنا - سبعين أهل بيت.
وإنما سموا الذرّية لأن آباءهم كانوا من القبط وأمهاتهم كنّ من بنى إسرائيل، فسموا الذرّية كما قيل لأولاد أهل فارس الذين سقطوا إلى اليمن فسمّوا ذراريّهم الأبناء لأن أمهاتهم من غير جنس آبائهم.
وقوله : عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ، وإنما قال (وملئهم) وفرعون واحد لأن الملك إذا ذكر بخوف أو بسفر أو قدوم من سفر ذهب الوهم إليه وإلى من معه ألا ترى أنك تقول : قدم الخليفة فكثر الناس، تريد : بمن معه، وقدم

(١) يريد فعل الأمر فإنه عندهم فعل مضارع مجزوم بلام الأمر حذفت اللام وحرف المضارعة لكثرة الاستعمال.
(٢) نسبه الكاتبون على شواهد سيبويه إلى عبد الرحمن بن حسان. ورواه جماعة لكعب بن مالك الأنصارىّ. ويرى بعضهم أن الرواية :«من يفعل الخير فالرحمن يشكره» فغيره النحويون. وانظر الخزانة ٣/ ٦٤٤
(٣) أي إضمار الفاء.


الصفحة التالية
Icon